تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ [الكافرون:1 - 5]. تكرار بعد تكرار وإصرارٌ بعد إصرار على الثبات على الأصل وعدم التراجع، وإعلان المفاصلة بقوله في النهاية: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:6]. يودع المؤمنُ روحه التي تقبض في نومه بهذه السورة إعلاناً منه بالبراءة من المشركين والثبات على التوحيد قبل كل نومةٍ ينامها! قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1].

ثبات الكفار على دينهم الباطل

عباد الله: إذا كان الكفار يثبتون على دينهم الباطل، ويقولون لأنبيائهم: إننا غير مستعدين لتغيير ما كان يعبد آباؤنا، ويقولون لأنبيائهم: قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا [الأعراف:70] .. قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا [هود:62] وقال عن قوم فرعون عن قولهم لموسى: قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا [يونس:78] .. وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا [البقرة:170]. الشاهد هنا أن الكفار يتمسكون بما عندهم من الباطل، وإذا كانوا يصرون على الكفر، وليسوا مستعدين لترك ما كان عليه آباؤهم، أفلا يكون الأجدر بنا أهل الإسلام أن نتمسك بما نحن عليه من الحق، وألا نتراجع عما يروجه هؤلاء؟! سواء كانوا أعداء الإسلام، أو الذين يريدون أن يسيروا على منوالهم، ويستجيبوا لدعوتهم، ويتأثروا بضغوطهم.

الرد على دعاة التقارب بين الأديان

وإنّ من أوضح الأمثلة على هذا قضية التآخي بين الأديان، أو التقارب بين الأديان، هذه الدعوة التي يروجونها اليوم تحت عنوان السلام العالمي، والتقارب بين الأديان. ما معنى التقارب بين الأديان؟ إذا كان اليهود يقولون: عزير ابن الله، ويقولون: يد الله مغلولة، ويقولون: إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء، وإذا كان النصارى يقولون: المسيح ابن مريم هو الله، أو هو ابن الله، أو هو ثالث ثلاثة!! كيف يكون التقارب مع مثل هؤلاء البشر؟ أنت يمكن أن تتقارب مع أناسٍ يشتركون معك في الأصول مثلاً، تتقارب معهم في الفروع، لكن إذا كانت الأصول مختلفة تماماً، فكيف يحدث التقارب؟! كيف يمكن أن يحدث التقارب؟! فالتقارب إذاً مع اليهود والنصارى ليس في ديننا وهو كفرٌ بالله عز وجل، والتقارب معهم خروجٌ عن الإسلام؛ لأن الله أنزل ديناً لا يقبل غيره، وأنزل شرعاً لا يرضى بتبديله عز وجل، ولا بالتنازل عن شيءٍ منه، هذا الكلام نقوله الآن في الوقت الذي يخرج أولئك في الفضائيات وغيرها، ليقولوا: إن هناك أخوةً بيننا وبين إخواننا المسيحيين، لماذا؟ قال فُض فوه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] نحن مؤمنون وهم مؤمنون! هذا الدليل. فإذا آمنوا بكفرهم وبباطلهم، فهم مؤمنون عنده، ونحن مؤمنون بالله، إذاً نحن جميعاً نشترك، ثم يقول: إن مودة المسلم لغير المسلم لا حرج فيها! أليس الله قد قال: لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة:1]. كيف نقول بعد ذلك: إن بيننا وبينهم مودة؟! يأتي إلى قوله تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82] فيقول هذا الكلام كان بالنسبة للوضع أيام النبي عليه الصلاة والسلام وليس الآن؟ فقل لي -أيها المسلم- بالله عليك! أيهما أفظع في التسلط والحرب على الإسلام وأهله؟ يهود اليوم أو اليهود الذين كانوا أيام النبي عليه الصلاة والسلام؟! من هم أشد كيداً وقوةً وحرباً على الإسلام يهود اليوم أم يهود الأمس؟ ثم نأتي ونقول: هذه الآية خاصة بزمن النبي عليه الصلاة والسلام! وكلما تورط هؤلاء العقلانيون الضلال بورطة في نصٍ شرعي، أقرب ما يكون لها أن يُزعم أن هذه خاصة بأيام النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا أي حكم شرعي لم يستطيعوا تطويعه والعبث به، وخداع الناس في شأن تنفيذه أسهل ما يقولون: هذه خاصة بأيام النبي عليه الصلاة والسلام. وكأن الله عز وجل أنزل ديناً لسنواتٍ معينة، ثم ينتهي مفعوله، وكذلك بناءً عليه تباح الفروع الأخرى! فيما هو دون ذلك في قضية التهنئة بالأعياد مثلاً؛ لأن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير