تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أجل أن يتشبثوا بأصول لهم.

وطبيعة المنطق الأرسطي جامدة مثل الأصل الفيزيائي الذي قام عليه، أي علم الجوامد. وهو تصنيفي تحليلي يجمد التفكير ويحجره، ولهذا لا يرى المشتغلون به أي جديد في الدنيا، لأنه لا بد أن يضعوه في رفوف هذا المنطق. ومن الطرائف أننا عندما كتبنا عن المفهوم الصحيح لعقل المرأة في الإسلام، زعم الأشاعرة أننا لم نأت بجديد وأنهم يعلمون ذلك من قبل، لأنهم يعرّفون الإنسان بالحيوان الناطق، كما فعل معلمهم الأول ارسطو، والمرأة إنسان فهي ليست ناقصة عقل! هذا مع أن كبار ائمتهم من القدامى والمعاصرين يصرحون بدون مواربة بنقصان عقل النساء وضعفهن في المحاججة. وهذا ما حصل بالضبط في امتنا عندما تبنت المنطق هذا، فلم تر أي جديد خارج نطاقه، ولم تنفع كل الانتقادات والضربات الشديدة من قبل عباقرة الأمة، التي لو تبنتها الأمة لسبقت الغرب قروناً في التقدم العلمي التجريبي، ولكن هيهات هيهات وكبار أئمة الأشاعرة وغيرهم قد جعلوا من المنطق صنماً فكرياً مقدساً لا محيد عنه.

الإعجاز العلمي ... تقدمٌ أم تخلف؟

الإعجاز العلمي هو بيان أن ما توصلت إليه الحضارة الغربية من أفكار علمية موجود لدينا في نصوص القرآن والسنة، على قاعدة "سبقناكم"، وهذا يدل على إعجاز القرآن والسنة وانهما من الله. فهل في هذا ما يؤدي إلى أي تقدم علمي يمكن أن تحصله الأمة الإسلامية؟ أم يا ترى أنه يمكن أن يؤدي إلى تخلفها كما حصل مع منطق اليونان ولو بشكل غير مباشر؟ ذلك أن العمل في الإعجاز العلمي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من النوم والاسترخاء بانتظار ما يجود به علينا الوسط العلمي الغربي، وما علينا الا مجرد الانتظار والفهم والمطابقة مع النصوص.

ثمة فرق بين المتبنين للإعجاز العلمي ومن تبنى المنطق الأرسطي، في أنهم في الإعجاز العلمي يقولون بأنهم يستندون إلى الحقائق العلمية التي ينتجها الغرب. كما أنهم لم يجعلوا ذلك في صلب العقيدة وانما اعتبروه وسيلة للدعوة، لا سيما لمن يفهم لغة الإعجاز العلمي كي يدخلوا في الدين.

لقد فتح الإعجاز العلمي الباب على مصراعية لتحقيق مقولة السبق، حتى ولج فيه الكثيرون وتعرضوا لأمور نخشى أن تتحول إلى أن تكون نقمة على الدين بدلاً من أن تكون منقبة كما أريد لها. لقد اصبح المشتغلون في هذا المجال يتصيدون أية فكرة ثم يبحثون عن نص فيه شبهة منها، ثم يخرجون بفكرة السبق في هذا المجال، حتى لم تسلم منه أمور الفها الناس وعرفوها في عصر النبوة ويعلمها أهل الطب والخبراء في ذلك المجال.

إذا كان على المشتغلين بالإعجاز العلمي أن يثبتوا مصداقية ما يقولون، فعليهم أن يقلبوا المنهج الذين يشتغلون به. اننا نطالبهم أن يكتشفوا حقائق جديدة بناء على تأملاتهم في القرآن الكريم أو السنة بدلاً من الانتظار على أبواب العلم الغربي ثم مقارنته بالنصوص والإدعاء أننا سبقناهم إليه منذ قرون. فهل يا ترى سيفلحون في ذلك، وإذا أفلحوا فهل ستمر أبحاثهم دون موافقة المؤسسات العلمية الغربية على ذلك؟ قد يكون من المفيد أن نفكر في العمل على الإعجاز الفكري الذي هو اقرب لحضارة الأمة وتراثها، بدلاً من انتظار أفكار ينتجها غيرنا ثم ندعي أنها عندنا وأننا سبقناهم إليها.

http://www.saaid.net/arabic/33.htm

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير