تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تلاعبها وتلاعبك]

ـ[هيثم طيب]ــــــــ[24 - 05 - 10, 02:37 ص]ـ

[تلاعبها وتلاعبك]

د. هيثم طيب

قد نص القرآن على أن من أكرم ما ينعم الله به على عباده المؤمنين في الدنيا أن يحييهم حياة طيبة سعيدة مطمئنة، فقال عزوجل:"من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" ..

والحياة لا تطيب دون متاع بلا شك، وهنا يأتي حديث نبينا صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأةالصالحة" ..

وبهذين النصين تكتمل مقدمة المقال ..

الزواج آية .. ونعمة

يقول الله تعالى في سورة الروم: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"

عندما تتأمل منظومة الزواج فإنك تجد شبكة معقدة من المتطلبات الإنسانية والشرعية ..

فهناك الجانب الإنساني ومنه الرحمة والوفاء وحسن العهد وذكر الفضل وغض الطرف عن الأذى وتتجلى عناصر هذا الجانب في استمرارية وديمومة هذه العلاقة ..

وهناك الجانب العاطفي ومنه تأتيك نسائم الحب والمودة والشوق ويتجلى هذا الجانب في اللحظات الهادئة والدافئة من هذه العلاقة ..

وهناك الجانب الجسدي وفيه الإحصان والإعفاف وإشباغ الغريزة ويتجلى هذا الجانب في اللحظات الثائرة من هذه العلاقة ..

وهناك الجانب الفطري البشري ومنه التكاثر والتوالد وبقاء النسب واستمرار دورة الحياة ..

وهناك الجانب الاجتماعي والاقتصادي وفيه تحمل المسؤولية والنفقة وحماية الفرد وبناء مجتمع أقوى وأسلم ..

لا شك أن الزواج آية عظيمة لمن تدبرها ..

وفي تفسير القرطبي جامع لكل هذه المعاني فقال:

"وجعل بينكم مودة ورحمة" قال ابن عباس ومجاهد: المودة الجماع، والرحمة الولد، وقاله الحسن. وقيل: المودة والرحمة عطف قلوبهم بعضهم على بعض.

وقال السدي: المودة: المحبة، والرحمة: الشفقة، وروي معناه عن ابن عباس قال: المودة حب الرجل امرأته، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء". ا. هـ.

وقال السعدي في تعليقه على هذه الآية: "فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها".

وتأمل الترتيب الذي جاء في كلام هذا العالم الرباني رحمه الله.

وقفة مع جابر وعروسه

-تزوجت يا جابر؟

-نعم

-أبكراً أم ثيباً

-بل ثيباً

-فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، تضاحكها وتضاحكك!

حوار بين النبي صلى الله عليه وسلم وجابر رضي الله عنه يرشدنا إلى مفهوم حيوي في إنجاح الارتباط الزوجي ..

إن العلاقة الجسدية تخدم غرض الإحصان والإعفاف لا شك، ولكن حديث تلاعبها وتلاعبك لا يدور حول هذا المحور لأن الإحصان يكون مع الثيب والكبيرة، لكن الحديث يرشد إلى ملاعبة البكر لغرض المتعة من أجل المتعة نفسها وليس في هذا ما يشين أو ينقص من أهمية الجوانب الأخرى من منظومة الزواج المعقدة، ولا يحق إغفال هذا الجانب أو تهميشه ..

كيف وقد أرشدنا إليه وعاشه نبينا عليه الصلاة والسلام!

"تلاعبها وتلاعبك" في البيت النبوي

يسابق رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجه .. مرتين .. لبعث السرور في قلبها ولإضفاء جو من المرح والترفيه ..

ويقبلها وهو صائم .. أي رغم فتور الشهوة في حال صيامه .. لكنه يقبلها .. ثم تعلمنا أمّنا بشأن هذه القبلة ليتعلم منها رجال ونساء الأمة دروساً لا تنتهي ..

ويتحرى موضع قضمتها فيضع عليه شفتاه بأبي هو وأمي .. وكأني بها تنظر إليه بكل حب وشوق ..

ويضاحكها .. ويستمع لأحاديثها .. ويضحك إن حدثته بطرفة ..

وتسأله فتقول: "يا رسول الله، أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرا لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ " فيجيبها: "في التي لم يرتع منها" ..

تسأله عن الرعي والعشب! .. وهي مسألة لا معنى لها سوى أنها كان تتدلل له أو بلغتنا الآن "تتدلع عليه" ولا بأس فصدره رحب وقلبه يسعد بدلالها ..

ويأذن لها أن تنظر إلى الحبشة يلعبون بالحراب في يوم العيد .. ولا يسأم من طول قيامها ..

وتأملوا فيما تحكيه عائشة رضي الله عنها وهي تصف حالها فتقول: "كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناول النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب صلى الله عليه وسلم" ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير