ربما كان المقصود من الزواج هو الإحصان والإعفاف والتكاثر وبناء أفراد ومجتمعات ..
لكن أيلزم أن تكون رحلتنا في هذه الحياة جافة أو باردة أو مليئة بالثقوب والشقوق والحفر؟!
المشكلات الزوجية .. "موضة" لن تزول قريباً
فضاء "الإنترنت" مليء بمواقع تختص بالقضايا الأسرية والزوجية، وهو يزخر بمنتديات اجتماعية وأخرى أسرية تطرح موضوعات وقضايا لمداولة الرأي وتبادل الخبرات، وأنت إن قمت ببحث سريع بين ثنايا هذه المواقع ستجد – غالباً- ضمن قائمة أكثر الموضوعات قراءة ونقاشاً تلك التي تحمل عناوين مثل: "زوجي يريد الزواج من أخرى .. ما الحل؟ " و "اكتشفت أنه يخونني" و "زوجتي لا تعرف فنون غرفة النوم" و "زوجتي مع الأولاد دائماً .. ماذا أعمل؟ "
وعندما تقرأ تفصيلات المادة المطروحة وتتأمل أبعاد المشكلات المتكررة تجد قاسماً مشتركاً بين أغلبها، وهو ليس انعدام التكافؤ الاجتماعي أو الأكاديمي بين الزوجين، وهو ليس الجهل بأحكام النكاح وحقوق الزوجين، وهو ليس تدني مستوى الدخل الأسري ..
ربما تجد هذا أو ذاك ..
ولكن القاسم المشترك الذي يكاد يلوح في أفق كل تلك المشكلات هو غياب مفهوم "تلاعبها وتلاعبك"!
إن من أنجح المشروعات التي يمكن أن تدر لك ربحاً سريعاً أن تدير داراً للاستشارات الزوجية أو أن تشرف على موقع إلكتروني يعنى بمشكلات الحياة الزوجية، وإذا أردت ظهوراً إعلامياً فقدم برنامجاً بعنوان "السعادة الزوجية" واجعل من صميم برنامجك أن تستقبل اتصالات من الجمهور وتأكد أنك ستكون نجماً عما قريب .. والسبب لا يخفى ..
بيوتنا عطشى .. ورواؤها "تلاعبها وتلاعبك"!
وداعاً لوهم الرواية وضباب المسلسلات
إن مما يحزنك أن ترى أناساً تعلقت قلوبهم بوهم "الرجل الكامل" و"المرأة الكاملة"، فتجد الفتاة تنتظر أن يدق بابها ذلك الفارس الأسمر ممتطياً حصانه الأبيض فيحملها بين ذراعيه ويأخذها إلى عالم وردي كله ورود وعصافير، أما الشاب فهو يظن أنه ذلك الفارس وأن على الفتيات أن يرتمين عند أقدامه وله أن يختار منهن تلك الأميرة الفاتنة التي تستحق أن تفوز بقلبه، ولا يتوقف الأمر عند شاب مراهق أو فتاة عشرينية بل إن المتأمل في أحوال الناس ليجد الوهم قائماً في رؤوس الكثير ممن تخطوا سن الثلاثين والأربعين .. بل والخمسين ..
وظن الرجال أنهم كلهم "يوسف" وظنت النساء أنهن كلهن "ليلى" فهن ينتظرن المعلقات ..
تشتكي كثير من النساء جفاء أزواجهن وعدد من الرجال يشكو فتور زوجاتهم ..
وأقول له: إنك إن تنتظر .. فانتظارك سيطول! وأقول لها: وأنتِ أيضاً!
تأملوا في ما ذكر لنا مما كان من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجه، وستجدوا أن ملخص الأحداث كما يلي:
هو يلاطفها .. وهي تتقرب منه .. وهي تتدلل له .. وهو يتقرب منها ..
هو يصنع سعادته وسعادتها وهي تصنع سعادتها وسعادته .. فلا مكان للأنانية ولا مكان للّوم ولا مكان للانتظار ..
أتبحثون عن "تلاعبها وتلاعبك"؟ أتريدون الحب؟
أنت تصنعه .. وأنت تصنعينه!
والرحمة أيضاً
تنهال مطارق الحياة على الإنسان فتهد من عزمه وتأخذ من قوته وربما ضعفت عنده جذوة "تلاعبها وتلاعبك" وهذا أمر ربما حدث لكل رجل وامرأة مرة أو مرات ..
ولكن أيصح أن تكون هذه اللحظات هي نهاية المطاف فيصاب المرء بعمى مؤقت وشلل فكري فينسى هو كل ما كان منها من خير وتنسى هي كل ما كان منه من فضل ..
عندما جاء ابن كثير على قوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" قال: "فإن الرجل يمسك بالمرأة إما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد أو محتاجة إليه في نفقة أو للألفة بينهما وغير ذلك"، وهذا من وافر علمه رحمه الله فأمر الزواج لا يستقيم بالحب وحده بل لا بد من الرحمة وحسن العشرة وذكر الفضل ..
يذكر لنا التاريخ أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب يستشيره في طلاق امرأته، فقال له عمر: لا تفعل، فقال: ولكني لا أحبها، فقال له عمر: ويحك ألم تبني البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟
¥