تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولا: نقول لكل عاص تاب من معصية معينة إن الله تعالى قد فرح بتوبتك وإن المؤمنين كذلك يفرحون، ومهما كان الجرم عظيما فإن الله تعالى يغفره، فإن الله تعالى قد غفر لمن وقع في الشرك وقاتل أهل التوحيد ثم أسلم وحسن إسلامه، قال تعالى:} قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)، فهذا الكلام يشجع به كل من كان في معصية فيها دعوة إلى الفساد سواء كان غناء أو تمثيلا أو غيره، فلا أحد يحول بين العبد والتوبة.

ثانيا: ولكي تحسن التوبة من بعض المعاصي والانحرافات لا بد من تغيير الوسط، كما أفتى ذلك العالم مَن قتل مائة نفس، وقال له: «وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ» (رواه مسلم) فمفارقة أرض أهل المعاصي واجتناب مخالطة أهل الانحراف من أسباب حسن التوبة والثبات عليها، قال شقيق البلخي رحمه الله: «علامة التوبة البكاء على ما سلف والخوف من الوقوع في الذنب وهجران إخوان السوء وملازمة الأخيار».

ثالثا: ومن أسباب الثبات أيضا الاتجاه إلى تحصيل العلم الشرعي والتفقه في الدين وقراءة المواعظ وسماعها، والذي يلاحظ على بعض التائبين من أهل الفن رجالا ونساء، أنهم ينقلبون بين عشية وضحاها من دعاة فساد إلى دعاة إصلاح يزاحمون من أفنى عمره في العلم تحصيلا وتعليما في منابر الدعوة، وهذا لا يجوز وتخط للحدود، فلا بد لكل أحد أن يعرف قدره، فالتوبة وارتداء الحجاب أو إعفاء اللحية ليس شهادة علمية تؤهل للمرء أن يتكلم في دين الله تعالى، وإذا أراد هؤلاء أن يكفروا عما أفسدوا بالدعوة فليكن ذلك بالدعوة الفردية في الوسط الفني لا باعتلاء منابر الدعاة والعلماء، على أن تحولهم إلى دعاة مؤهلين ليس أمرا مستحيلا إذا ما تفرغوا لطلب العلم، كما حدث للفضيل بن عياض رضي الله عنه الذي كان قاطعا للطريق ثم تاب وأناب وجاور بمكة وطلب العلم حتى صار من أعلام الأمة، وكما حدث مثل هذا في العصر الحاضر للمغربي سعيد الزياني المتوفى سنة (2009) رحمه الله تعالى الذي كان مغنيا وممثلا، ثم تاب إلى الله تعالى طلب العلم وجالس العلماء وتفرغ للخطابة والتدريس والدعوة إلى الله تعالى حتى توفاه المولى عز وجل.

14 - لماذا رفضت أن تنشر صورتك الشخصية مع المقال؟

رفضت ذلك لأنه لا حاجة إليها في نظري، والتصوير قد توسع فيه أناس وضيق فيه آخرون، والوسط في ذلك أنه لا حرج في التصوير الفوتوغرافي مع الاقتصاد فيه، فتصوير الدروس والمحاضرات أمر قد أذنت فيه لأني قدرت فيه مصلحة دعوية، وأما وضع الصورة إلى جانب مقال أو حوار فلا أرى فيه مصلحة دعوية، وأظن أنه يكفيني فتنة شهرة الاسم فلا أزيد نفسي فتنة شهرة الصورة، وأختم الجواب بالمثل العربي القائل:" تسمع بالمعيدي خيرا من أن تراه ".

15 - إذا طلبت منك الشروق العربي نصيحة للشباب الجزائري، فما هي أول نصيحة توجهها إليه عبر صفحات الجريدة؟

النصيحة التي أوجهها إلى الشباب الجزائري أستلها في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ» (رواه مسلم) فعلى شبابنا أن يأخذوا بأسباب القوة ومن ذلك قوة العقيدة والإيمان التي يتوصل إليها بتحصيل العلم الشرعي، وهي قوة تحميه من الانحراف وتثبته في طريق الصلاح، ومما يلاحظ في هذا الزمان دنو همة الشباب في القراءة حتى تنازل الدعاة من تأليف الكتب والمجلدات إلى تأليف المطويات و"القصاصات" الدعوية، وعليهم أن يحرصوا على ما ينفعهم في دنيانهم وآخرتهم وأن لا يضيعوا أوقاتهم في الكلام الفارغ واللعب واللهو، وأن لا ينساقوا وراء من يدعوهم إلى ذلك، فإن ساعات العمر لا تقدر بثمن وسوف يسألون عنها يوم القيامة، فعليهم أن يعمروا أوقاتهم بما فيه صلاحهم من العلم النافع والعمل الصالح قبل أن يهرموا فيندموا، واحذرهم من أن يجعلوا قدوتهم من يرفعه الإعلام الغربي من سفلة الناس وإن لهم في شباب سلفهم القدوة التي يحتاجون إليها، وعلى رأس هؤلاء شباب صدر الإسلام كمصعب بن عمير وأسامة بن زيد ومعاذ بن جبل وسلمان الفارسي وغيرهم، وعليهم أن لا يعجزوا وأن يتركوا البطالة، وعليهم أن يستعيذوا من العجز والجبن والبخل كما كان يستعيد منها نبينا صلى الله على عليه وسلم، وطرد العجز يكون بتقوية الثقة بالله تعالى والتوكل عليه وعدم احتقار النفس، واتخاذ الأسباب المشروعة للوصول إلى الأهداف العالية، والله يوفقنا وجميع شباب الإسلام لما يحب ويرضى.

16 - كلمتك الأخيرة؟

أشكر أسبوعية الشروق العربي التي فتحت لنا هذه القناة لمخاطبة شباب الأمة شكرا جزيلا، وأسأل الله تعالى أن يوقفها لكل خير أن يسددها، وأن يجعلها من منابر الدعوة والتنوير في هذه البلاد.

(نشر مع بعض الاختصار في الفاتح من ربيع الأول 1431 الموافق ل15 فيفري 2010 العدد 908) "اهـ

وهذا رابط المقال: http://www.islahway.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=238:-q-q&catid=46:2010-02-12-18-49-01&Itemid=72

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير