اعتمد سعادته على آن العقد باللفظ، والاسطوانة تُخبرك أيها الزبون أن رصيدك عشرة دينار، فالحاصل أن الشركة أعطتك عشرة دنانير حكماً على لفظ الاسطوانة.
فأقول: أن المعتبر في الفقه، وسعادته أعلم بذلك، أن العبرة بالمقصد والمعنى.
فالشركة وإن كانت تُعطي الرصيد بالتقرير النقدي، لا يعني أنها تؤدي القيمة نقداً بالدينارات والدراهم.
بل إنها تؤدي القيمة بالدقائق.
وهذا الأمر ليس مُبهماً ولا يحتاج إلى إثبات وتفسير، فهو واضح ومُفسر.
والدليل على بطلان القول القائل أن قيمة البطاقة (الكرت) بالدنانير وليست بالدقائق، هو أنك لا تستطيع أن تشتري بهذه البطاقة (الكرت) أشياء أخرى.
بمعنى أن البطاقة (الكرت) إن كان معتمد نقداً لاستطعتُ أن أذهب إلى أي محل تجاري وأشتري منه أي سلعة بقيمة البطاقة (5 أو 10 دينار) وأعطيه البطاقة.
ولاستطعتُ أن أخذ سيارتي إلى محطة الوقود وأملأ سيارتي بالوقود وأعطيه بطاقة التعبئة (الكرت) ....
إلى غير ذلك من التفسيرات التي تُثبت أن قيمة البطاقة ليست نقداً، وإنما قيمتها بالدقائق.
وبما أن أثبتنا أن قيمة البطاقة (الكرت) بالدقائق، وليست نقداً، نتقل بعدها إلى نقل جزء من هذا الرصيد (قيمة الكرت).
فالبائع عنده بطاقة قيمتها (10 دنانير)، وجاءه زبون وقال له:
أريد رصيداً (2 دينار).
أعطني رصيداً (2 دينار).
دزلي رصيداً (2 دينار).
أرسل لي رصيداً (2 دينار).
بيع لي رصيداً (2 دينار).
أنقل لي رصيداً (2 دينار).
فمهما أختلف اللفظ فنحن نحكم على المعنى.
وفي هذا ردٌ على أن اسطوانة الشركة إن قالت لك أن رصيدك (كذا دينار) فهذا لفظ، والمعنى: أن عندك قيمة مكالمات بقدر (كذا دينار).
الشاهد:
يقوم البائع بإرسال رسالة إلى منظومة الشركة، يُعلمهم فيها أن يُخصموا من رصيده (2 دينار)، ويرسلوها إلى رقم الزبون، الذي أرسله لهم في رسالة نصية.
فتقوم منظومة الشركة بما يلي:
1. خصم قيمة الرسالة النصية من رصيد البائع.
2. إرسال رسالة إلى البائع تُعلمه فيها بأن عملية النقل تمت.
3. إرسال رسالة إلى الزبون تعلمه فيها بقيمة رصيده.
نأتي هنا إلى ما الذي إستفاده البائع؟
البائع خُصم من رصيده قيمة مكالمات قدرها دينارين التي باعهما للزبون، وليس خُصم منه دينارين، وخُصم من رصيده أيضاً قيمة الرسالة التي إرسالها لمنظومة الشركة.
فهو بالمعنى أدى خدمة للزبون وأعطاه قيمة مكالمات قدرها دينارين.
فتكون العملية بيع خدمة (وهي نقل قيمة الدقائق من رصيده) بمقابل مال يكون إتفق عليه مع الزبون.
فالحاصل:
أن العملية ليست بيع نقد بنقد حتى نقول عنها ربوية، بل إن العملية باللفظ الشرعي بيع منفعة بنقد.
الملخص:
المسألة من باب البيوع (وأحل الله البيع وحرم الربا) .... وهي بيع خدمة (تحويل دقائق) بمال، وليست بيع مال بمال، حتى نقول أن الزيادة لا تجوز.
فيُستخلص أن للبائع أن ينقل الرصيد بمثله أو بنقص أو بزيادة أو بدون مقابل.
وأن يُكمل البيع بشروط البيوع وهو التراض ((إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم)).
ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إنما البيع عن تراض))
[صححه الألباني في صحيح الجامع (2323)].
وأما إن جعلنا من لفظ الاسطوانة، التي تخبرك بقيمة الرصيد، سبباً في الاعتماد على أن العملية ربوية، لأنها تخبرني بقيمة الرصيد نقداً، فلا يسعنا في هذه الحالة إلا أن ننتظر من شركة الاتصالات أن تقوم بتغيير اللفظ إلى دقائق ...
والله المستعان.
أحمد إسكينيد
الخميس 10/شوال/1429هـ
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 08:02 ص]ـ
جزاك الله خيراً على نقلك لهذا البحث
فيقول المولى سبحانه وتعالى ((إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علقٍ، إقرأ وربك الأكرم، الذي علم الإنسان ما لم يعلم))
يجب تصويب الآية
فيقول المولى سبحانه وتعالى ((إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علقٍ، إقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم))
ـ[صالح جلود]ــــــــ[30 - 05 - 10, 04:09 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[30 - 05 - 10, 10:17 م]ـ
بارك الله فيكم، بالنسبة لآية ((اقرأ)) فهي بألف وصل ....
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=120961
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38213
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=128701
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=134165
ـ[أداس السوقي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 11:00 م]ـ
بوركت أخي على هذا البحث في هذا الأمر الذي عمت به البلوى.