[هل نذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة؟]
ـ[احمد ابو انس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 06:48 م]ـ
[هل نذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة؟]
السؤال: عند سماعي لقصة نبي الله أيوب عليه السلام سمعت أنه كان قد نذر نذرا لله إذا شافاه أن يضرب زوجته مائة ضربة، فهل هذا صحيح، ولماذا نذر مثل هذا النذر؟
الجواب: الحمد لله
يذكر المفسرون قصة حلف أيوب عليه السلام أن يجلد زوجته مائة جلدة في تفسير قول الله عز وجل: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) سورة ص/44.
غير أنه لم يرد في بيان سبب حلف أيوب عليه السلام هذا اليمين حديث مرفوع صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله:
" وهذا له قصة أخرى أشارت إليها الآية إجمالا، ولم يرد في تعيينها أثر صحيح " انتهى.
" التحرير والتنوير " (23/ 167)
وإنما ورد ذلك في تفسير بعض التابعين، واختلفوا في ذكر السبب، غير أن أكثرهم قالوا: إن زوجة أيوب طلبت منه عليه السلام أن يتكلم بكلمة كان إبليس عليه لعنة الله قد طلب من أيوب عليه السلام أن يتكلم بها، وهي كلمة غير شرعية، إما فيها تسخط على أقدار الله عز وجل، أو نسبة الشفاء لغير الله، فأبى أيوب عليه السلام، وحلف إن شفاه الله أن يعاقب زوجته التي استجابت لما وسوس به إبليس اللعين.
قال قتادة رحمه الله:
" كانت امرأته قد عَرَضت له بأمر، وأرادها إبليس على شيء، فقال: لو تكلمت بكذا وكذا، وإنما حملها عليها الجزع. فحلف نبي الله: لِئن الله شفاه ليجلِدنَّها مئة جلدة.
قال: فأمر بغصن فيه تسعة وتسعون قضيبا، والأصل تكملة المِئَة، فضربها ضربة واحدة، فأبرّ نبيُّ الله، وخَفَّفَ الله عن أمَتِهِ، والله رحيم " انتهى.
" جامع البيان " للإمام الطبري (21/ 213)
ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" قوله تعالى: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) وذلك أن أيوب عليه السلام كان قد غضب على زوجته، ووجد عليها في أمر فعلته.
قيل: إنها باعت ضفيرتها بخبز، فأطعمته إياه، فلامها على ذلك، وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة.
وقيل: لغير ذلك من الأسباب.
فلما شفاه الله وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب، فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ ضغثًا – وهو: الشِّمراخ -، فيه مائة قضيب، فيضربها به ضربة واحدة، وقد بَرّت يمينه، وخرج من حنثه، ووفى بنذره، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه، ولهذا قال تعالى: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) أثنى الله تعالى عليه ومدحه بأنه (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) أي: رَجَّاع منيب، ولهذا قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2 - 3.
وقد استدل كثير من الفقهاء بهذه الآية الكريمة على مسائل في الأيمان وغيرها، وأخذوها بمقتضاها، ومنعت طائفة أخرى من الفقهاء من ذلك، وقالوا: لم يثبت أن الكفارة كانت مشروعة في شرع أيوب عليه السلام، فلذلك رخص له في ذلك، وقد أغنى الله هذه الأمة بالكفارة " انتهى.
" تفسير القرآن العظيم " (8/ 76)، ويمكن الاطلاع على الأقوال الأخرى في حقيقة سبب حلف اليمين في " معالم التنزيل " للبغوي (5/ 345)
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب