تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالشيطان والجني يظهر أحيانا بصورة إنسان، بصورة هرم أو بصورة شاب، أو بصورة حيوان ككلب أو حمار أو طير، أقدرهم الله تعالى على ذلك؛ لأنهم أرواح فيتمثلون أمام أعيينا بهذه الأمثلة. فإذا صار لهذا الشيطان الإنسي سلطة سلط وليه من الجن على أن يلابس هذا الإنسان، وأن يغير صورته وهيكله إلى أن يقلبه بهيمة أو طيرا أو نحو ذلك، هذا كله بواسطة الشياطين التي تخدمهم.

وقد تخدمه الشياطين وتجري على يديهم أشياء خارقة للعادة، فقد تحمل أحدهم الشياطين والجن وتقطع به مسافة طويلة، كما يحكى عن بعضهم أنهم يركبون عسيب نخل، ثم يطير بهم ذلك العسيب فيقطعون مسافة طويلة؛ حتى يدعي بعضهم أنه يطير من أقصى بلاد الهند يوم عرفة، ويقف مع الحجاج في يوم عرفة، ويرجع في يومه. لا شك أن ذلك بواسطة الجن التي تحمله ومتشيطنة الجن. أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وذكر أنه يعرف من ذلك أمثلة، ويسمي ذلك: الأحوال الشيطانية. فهؤلاء يتوصلون إليه بواسطة عبادة الجن والتقرب إليهم، وعبادة الشياطين وطاعتهم في معصية الله سبحانه وتعالى.

حكم السحر وحد الساحر

فإذا عرفنا ذلك منهم، فبعد ذلك نعرف حكمهم، وكيف يعاملون به. لا شك أن هذا العمل الشيطاني يعتبر كفرا؛ والدليل قول الله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=2%20&nAya=102) دل على أن كل من علم السحر وتعلمه فإنه يكون كافرا. وكذلك قول الله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=2%20&nAya=102)} ؛ أي فلا تتعلم السحر فتكون كافرا، ينصحانه عن التعلم، فهذا دليل على أن من تعلمه فإنه يكون كافرا.

وكيف يكون كافرا مع أنه قد يدعي الإسلام؟! الجواب أنه عصى الله تعالى وعبد غيره. إذا عرفنا أنه يترك الصلاة أياما؛ حتى تخدمه الشياطين أليس هذا كفرا؟ إذا عرفنا أنه يذبح لغير الله، ويذبح باسم غير الله؛ ولو كان ذبحه عصفورا مثلا أو دجاجة أو سخلة أو بعيرا فإن من ذبح لغير الله فقد أشرك: «لعن الله من ذبح لغير الله» أليس هذا الذبح يعتبر كفرا؟ بلى.

إذا عرفنا أيضا أنهم يألفون النجاسات، يلطخون أبدانهم وثيابهم بالأوساخ والأقذار والنجاسات ثم يلابسونها.

ولو صلوا بهذه الحال ما قبلت صلاتهم، أليس هذا كفرا؟ وهو التلطخ بالنجاسات والقاذورات والدماء وما أشبه ذلك؟ لا شك أن هذا من الكفر. إذا عرفنا أنهم يدعون الشياطين ويعبدونهم بعد التقرب إليهم، فلا شك أن هذا أيضا كفر وشرك. فإن الساحر يسخر له عدة من الشياطين ومن مردة الجن؛ حتى قد يسخر مائة جني أو ألفا أو أكثر أو أقل؛ بحيث أنه إذا أراد أن يضر أحدا يقول لواحد منهم: تلبس بفلان، أو تلبس بفلانة.

فإذا تلبس ذلك الجني بإنسي، أو بجسد إنسي صعب بعد ذلك تخليه وعلاجه؛ إلا أن يأذن له ذلك الشيطان بالخروج منه. فهذا بلا شك من عمل الكفر؛ يعني كونهم يعبدون الشياطين. عبادة الشياطين هي من عبادة المشركين، قال الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=36%20&nAya=60)} فهؤلاء يعبدون الشياطين، ومن عبد الشيطان أو عبد غير الله فإنه مشرك، وكل من عبد غير الله فما عبد سوى الشيطان. فالحاصل أن هذا يدل على أنهم عملوا شركا، وعملوا كفرا، فيحكم بذات كفرهم. والأدلة واضحة، نذكر بعضا منها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير