تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن الذي أدرى هذا الساحر أو الكاهن بأن السحر الذي عمل في المكان الفلاني؟! ما أخبره إلا شيطان. وكذلك كيف يعرف هذا الساحر أن فلانا سيصيبه مرض بسبب كذا وكذا؟! ما أخبره إلا شيطان. يمكن أن الشيطان اختطف الكلمة من الملائكة التي كانت تتكلم في الغمام، والتي تتكلم بما أخبر الله تعالى من الحوادث التي تحدث في المستقبل، فشيطان ذلك الساحر أو الكاهن سمع هذه الكلمة من وليه من الشياطين قرقرها في أذنه فبعد ذلك أخبر بها.

يقول الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=26%20&nAya=221)} ؛ أي يتلقون ويتلقفون السمع من الملائكة؛ حتى يلقوها على لسان الساحر أو لسان الكاهن، وذلك الساحر أو الكاهن يخبر بها؛ فيظن الناس أنه صادق وأنه يعلم الغيب، وأنه يعرف الأماكن التي فيها كذا وكذا، وما هو إلا يعتمد على أخبار الشياطين التي تسترق السمع. ولا تخبره كما قلنا إلا بعدما يطيعها وبعدما يخدمها وبعدما يتقرب إليها؛ فبذلك يحكم عليه بأنه كافر ومشرك؛ ولذلك يستحق أن يقتل.

ورد في الحديث في قصة عن جندب الخير أنه دخل على بعض الأمراء وعنده ساحر، وذلك الساحر يقطع رأس إنسان وهم ينظرون؛ حتى يبقى رأسه منقطعا لا يتعلق إلا بحنجرته، ثم بعد ذلك يعيد رأسه، والناس ينظرون. وهذا من الشعوذة وذلك لأنه يلبس على أعين الناس، وهذا من عمل الشياطين، معنى أن الشيطان يخيل إلى أعين الحاضرين أنه يعمل هذه الأعمال التي يعجز عن جنسها الإنسان، وتسمى هذه شعبذة أو شعوذة. ومثله أيضا حكايات كثيرة يتوصل بها هؤلاء السحرة ونحوهم إلى فتنة الناس، وإلى إيهامهم أن عندهم قدرة، أن عندهم قوة، وأنهم وأنهم؛ فلذلك لا يتحصن عنهم إلا ذكر الله تعالى والاستعانة به.

وأمثلة هذا العمل كثيرة، فقد ذكر أحد الإخوة أنه كان معه نقود في جيبه، فجاءه أحدهم فألقى يديه على صدره، وقال له: عندك لي نقود وعندك لي دراهم. فقال: ما أعرفك. فخلا أمره، ولما تفقد جيبه وإذا هو قد اختلسها؛ بمعنى أنه غيب عينيه عنه؛ حتى تمكن من أخذ هذه الدراهم واختفى بها، ولا يعرف كيف اختلسها. وهكذا أيضا آخر كان يمشي في السوق، وكان في جيبه أو على جنبه نقود في كيس، أبصره بعضهم، فجاء إليه وألقى عليه ما يغمه، فسقط ذلك الإنسان واتكئ على سيارة واقفة، فاختطفها من جنبه وهو لا يشعر؛ بمعنى أنه عمل معه الشيطان ما أغماه وأوقعه في حيرة.

وكذلك آخر لقي بعضا من هؤلاء المشعوذين ومعه خمسون ريالا ورقة واحدة، فقال: أحب أن تحولها لعشرات فإني بحاجة. أخرج ذلك الإنسان معه ألف ريال من فئة العشرة، وقال: أعطني آخذ منهم. فأخذ منها وهم ينظرون خمس ورقات، ولما ردها إليه وإذا لم يبق منها إلا مائة أو مائة وعشرون أخذها وهم ينظرون، ولم يحسوا بنظره. لا شك أن هذا من عمل هؤلاء المشعوذين. كيف يتوصلون إلى ذلك؟! الشيطان الذي يلابسهم يغمي على أعين الناظرين حولهم، وإذا أغمى عليهم لم يشعروا بما أمامهم من الحقائق؛ فلأجل ذلك ينتبه المسلم ويتحصن عن مثل هؤلاء؛ حتى لا يشعوذوا ويشعبذوا على عينيه بما له حقيقة.

ورد في حديث جندب الذي ذكرنا أنه دخل في اليوم الثاني على ذلك الساحر، ولما قرب منه كان قد اشتمل بالسيف، واستعاذ بالله بمثل قوله: «أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق ومن شر شيطان وهامة ومن شر عين لامة ومن شر مخلوقات الله كلها عامة» فلما قرب من ذلك الساحر شهر سيفه وقتله وقطع رأسه وهم ينظرون، وقال: احم نفسك إن كنت صادقا. فعلم بذلك أن أعمالهم إنما هي شعبذة وتخييل كما حكى الله تعالى عن سحرة فرعون في قوله تعالى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=20%20&nAya=66)} فهذا من سحر التخييل؛ أي يخيل إلى الناظر الأشياء التي ليست حقيقية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير