[الحج .. لفضيلة الشيخ فتحي أمين عثمان]
ـ[العاصمي الجزائري]ــــــــ[02 - 06 - 10, 08:21 م]ـ
جاء في كتاب (قضية التوسل والوسيلة) لفضيلة الشيخ فتحي أمين عثمان ص 110 – 117 هذا المقال الرائع في بيان ركن الإسلام الخامس ومؤتمر المسلمين العظيم ورمز التوحيد الباهر والذي هو بعنوان (الحج) فلتتفضّلوه مشكورين:
الحج
يقول الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله في مجلة الهدي النبوي (1):
الحج: هو القصد المستقيم على علم وهدى بنية صادقة وقلب مخلص إلى أداء المناسك عند البيت المحرم، وتعظيم شعائر الله وحرماته في أشهر معلومة هي: شوال، وذو القعدة، وأيام من ذي الحجة من الطواف بالبيت. والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ورمي الجمار في منى في أيام معدودات.
والعمرة مأخوذة من التعمير، وهي تعمير البيت بتعظيم شعائر الله، وإقامة المناسك مثل الحج إنها لاوقت لها معين، بل تصح في أي يوم من السنة وهي في رمضان أفضل، وليس فيها وقوف بعرفة ولا رمي جمار بمنى.
هذا على حين نجد الشيخ أبا الوفا درويش يقول:
(هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى)
من ذا الذي ينكر أن الحج من خير ما يتزكى به الإنسان، ويتطهر من أرجاسه، ويتخلى من أدناسه؟
من اقرب إلى الله منك وقد تطهرت من ذنوبك، وتزكيت من آثامك، وطفت ببيت ربك ترجو رحمته، ووقفت بالمشاعر العظام تبتهل إليه، وتذكره فيطمئن قلبك بذكره، وتدعوه مخلصا له الدين حنيفا، وقد هجرت إليه أهلك وولدك ووطنك، وأنفقت مالك في طاعته، وأنضيت بدنك وتحملت وعثاء السفر في سبيله. عبادة تجمع بين إنفاق المال على حبه، وإنضاء البدن مع فرط الحرص على راحته، وفراق الأهل والوطن لا جرم أنها من خير القرب، ومن أحب وسائل الزلفى غلى الله تعالى.
قل لهؤلاء الأغنياء الذين ينفقون أموالهم في الموالد، ويقيمون المضارب والسرادقات، ويشدون الرحل لغير بيوت الله التي أذن أن تشد إليها الرحال: أنضيتم أبدانكم، وأتعبتم رواحلكم، وأنفقتم أموالكم في غير طائل وأنتم تحسبون أنكم تحسنون صنعا.
ليس شد الرحال لغير المساجد الثلاثة عبادة يثيبكم الله عليها ولا قربة تزلفكم عنده، ولكنه إثم ومعصية لرسول الله-صلى الله عليه وسلم- الذي يقول: (لا تشدوا الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى).
ومن يعص رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقد عصى الله ومن عصى الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا.
فاتخذ أيها المؤمن الموفق حج البيت وسيلة إلى مرضاة الله، واتخذ العمرة زلفى إليه، يجب دعوتك ويرض عنك، ودع الطواغيت فأنها لا تزيدك من الله إلاّ بعدا.
والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام وهو عبادة تجمع عبادات (2)، وقربة تضم قربات، وهو سلسلة محكمة الحلقات، تربط شريعة خاتم النبيين –صلى الله عليه وسلم- بشريعة أبيه إبراهيم –عليه السلام- ولوحة تمثل في اذهان الآخرين ذكريات الأولين.
لما رفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل-عليهما السلام-، أمره الله تعالى أن يؤذن في الناس بالحج ليأتوه رجالا، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، على ما رزقهم من بهيمة الأنعام. فصدع إبراهيم –عليه السلام- بما أمر، واستجاب الناس لدعوته؛ ثم انتقل إبراهيم –عليه السلام- إلى الرفيق الأعلى ولحق به إسماعيل –عليه السلام- وطال الأمد، وبعد عهد الناس بالعلم والدين الصحيح، فأحدثوا في الدين أمورا شوهت جماله، وابتدعوا بدعا ذهبت بروعته، وفشت في الأمة العربية جاهلية غفول، وغفلة جاهلة ألقت على وجه الحق نقابا كثيفا حجب إشراقه، وغطى ضياءه.
وجاء الإسلام لينقذ البشرية من ضلالها، وينتشل الأمة العربية من أوحالها، فاقر فريضة الحج، بعد أن نفى عنها بدع الجاهلية ومحدثاتها وأوجبها نقية خالية من الشوائب، خالصة من اللوثات.
وأمر الله محمدا صلى الله عليه وسلم بما أمر به إبراهيم –عليه السلام- من قبل، وأوجب على أمته حج البيت من إستطاع إليه سبيلا.
الحج فرار إلى الله واعتصام به، وانصراف غلى حين عن حظوظ الدنيا وفتن الشيطان.
¥