تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واتصل هذا الصحوي الإخواني صاحب المشروع الإسلامي ببابا الفاتيكان السابق وطالبه بأن يقيما سوياً (جبهة الدين) لهداية العالم يقول (لأن الفراق اشتد بين بني الإنسان وفشت العصبية اللونية والطبقية في مستوى المعاش شمال العالم وجنوبه والقطريات والانغلاقات المتشاقة كثرت والفساد في المال العام كثر والجنس انفلت والأسرة كادت أن تنهار في العالم فتحمس جداً الرجل وكان فيه دين)

يريد أن يلتقي والفاتيكان على أرضية مشتركة، وأن يعملا سوياً!!

والترابي في الفكر الإسلامي يثير الغبار بين المفكرين وعليهم، بتعاطى الشاذ والغريب من الآراء، فهو مع نفرٍ يناوش الفقهاء .. يحل من حرامهم ويحرم من حلالهم ولا يقيم وزناً لمجموعهم بل لجميعهم أولهم وآخرهم، ويعارض الأصوليين، ويوهن من بضاعة أهل الحديث، ويقول إن استطعت أن تأتي بمصطلح حديث جديد فافعل!! كما في حواره هنا.

وحسن الترابي صوفي تربية ونشأة ولا زال يثني عليهم خيراً إلى اليوم، يقول أهمل الفقهاء الجانب الروحي وأقامته الصوفية وشيدت بناءه؛ فعندها حضر ما غاب عند غيرها من السلفيين وعامة الدعاة المصلحين!!؛ بل ويراهن هذا السياسي الإصلاحي الإخواني العقلاني العصراني الأوروبي النشأة والهوى يراهن على الصوفية، يقول هم المجاهدون، وهم رهان الأمة وعزها، وقد خاب سعي أمريكا حين اتكأت عليهم لأنهم سينقلبون عليها بعد قليل ويزيلون دولتها [1]!!

والترابي سياسي، بل ارتبط بكل تفاصيل المشهد السياسي في بلده، فلا تتحدث عن تاريخ دولة السودان في نصف عقدٍ مضى إلا ولابد لك أن تذكر الترابي، تجده كثيرَ الحركة في المشهد السياسي، يتقافز في كل جوانبه، فمرةً تراه ثائراً على الحكام، ومرة يؤسس حزباً، ومرة أو مرتين أو أكثر معتقلاً في سجون الحكام، ومرة يترأس لجنة تشرف على عمل يكلفه به الحكام، ومرة وزيراً، ومرة ينقلب على الحكام، ومرة ينقلب عليه الحكام. يتقافز بسرعة في جنبات المشهد السياسي، ويصر على التواجد في الصدارة دائماً.

ومرةً معارضاً للأمريكان يجمع لهم كل من يكرههم من الحركات الإسلامية في السودان ويأتمر بهم، يعلن كراهيته ومؤارزته للكراهين لهم، ومرة يتحدث مع مخابراتهم ( C I A ) ويوافقهم ضمناً على الصلح مع يهود يُشَرعن هذا الصلح، وقد أقر هو في حواره المتلفز مع قناة الجزيرة.

والترابي (أكاديمي) جامعي، تقافز ـ أيضاً ـ في جميع جنبات المشهد التعليمي في زمانه، فقد تعلم في المدارس الإنجليزية، وأخذ الماجستير من جامعاتهم (أكسفورد)، وحمل الدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية التي خرج منها كل مثيري القلاقل في الفكر الإسلامي المعاصر، وظهر في الساحة السعودية السلفية وعمل في جامعة كان يترأسها أشهر رمز للسلفية في واقعنا المعاصر الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ، والتقى الملك فيصل ـ رحمه الله ـ.

والترابي في كل مجال ضد أهله. فبين الإخوان ينشق بإخوان السودان عن إخوان مصر ـ وهم الأصل ـ أو يدعي أن إخوان السودان ليسوا فرعاً لمصر وإنما أصلاً موازياً.

وبين السياسيين قلقٌ متقلب لا يكاد يثبت، لم يصفو منه الود لأحد، لا في صغر ولا في كبر. وبين (العقلانيين) وحيد، مع أنه يتكلم بأغرب أقوالهم وأشنعها، ويبرر موقف أبعدهم قولاً، أعني شحرور والبنا.

بالكاد تتابعه عيناك. فهو كثير الحركة بين التوجهات، وكثير الحركة بين أفراد التوجهات.!!

فانظر إلى الساحات الرئيسية التي ينزلها، ستجدها كثيرة ومتنوعة وأحياناً متناقضة، وانظر داخل أي شيء دق أو جل ستجد اضطراباً.!!

مثلا منهج الاستدلال على أي أسس يسير؟! ومن يتبع؟!. . (عقلاني) أم (قرآني)؟ (اعتزالي) أم (جهمي) أم (صوفي)؟ أم شيء جديد؟! وإن كان فما هو هذا الجديد؟! أين منطلقاته؟ وأين أهدافه؟ وأين منهجه الذي يسير عليه؟!

لا يوجد. ولذا احتار الدكتور عبد العزيز قاسم معه (في مكاشافاته) وصرخ في وجهه: (احترنا معك، فمرة جهمي ومرة معتزلي، ومرة قراني .. هذا منهج انتقائي جدا منك يا شيخ حسن؟)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير