تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شبهة حرية المنافقين للأستاذ: إبراهيم السكران]

ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[09 - 06 - 10, 01:44 ص]ـ

شبهة حرية المنافقين

- مدخل:

الحمدلله وبعد،، تتمتع شبهة ترك الرسول للمنافقين بتاريخ متقدم نسبياً، حيث كانت تستعمل هذه الشبهة كواحدة من أهم الأدوات لتعطيل العقوبات الشرعية، والتشويش على جهود المصلحين والمحتسبين.

ومن أئمة الدين الذين تمت مواجهتهم بهذه الشبهة الإمام محمد بن عبدالوهاب، حيث كان هناك طالب علم يقال له (أحمد بن عبدالكريم) وهو من أهل الأحساء، وفي بداية أمره نصر التوحيد وعارض سدنة القبور، ثم إن عدداً من دعاة الشركيات أغروه بشئ من الدنيا فانتكس، ثم راسل الشيخ محمد بن عبدالوهاب يخبره بتراجعه عن مواقفه الأولى واحتج بجملة أمور منها أن النبي ترك المنافقين، فرد عليه الشيخ محمد بن عبدالوهاب برسالة موجودة في الرسائل الشخصية للشيخ وهي الرسالة الثالثة والثلاثون، يقول الشيخ محمد رحمه الله:

(ولكن العجب من دلائلك التي ذكرت كأنها أتت ممن لا يسمع ولا يبصر، أما استدلالك بترك النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعده تكفير المنافقين وقتلهم؛ فقد عرف الخاص والعام ببديهة العقل أنهم لو يظهرون كلمةً واحدة أو فعلاً واحداً من عبادة الأوثان أو مسبة التوحيد أنهم يقتلون أشر قتله، فإن كنت تزعم أن الذين عندكم أظهروا اتباع الدين ولم يبق إلا أشياء خفية تظهر على صفحات الوجه أو فلتة لسان في السر، وقد تابوا من دينهم الأول، وقتلوا الطواغيت، وهدموا البيوت المعبودة؛ فقل لي)

[الرسائل الشخصية، الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ص215]

وفي عصرنا هذا أخذت شبهة ترك المنافقين بعداً آخر، فإن غالب من كتب عن حرية الرأي، أوشرعنة الديمقراطية وحقوق الإنسان، أوإنكار حد الردة، تحت ضغوط الآيديولوجيا الغربية فإنك تجده يحتج بشبهة ترك النبي للمنافقين، ولايمكن عرض كل من استعمل هذه الشبهة، لكن يمكن لنا أن نشير لبعض النماذج:

من الواضح أن هذه الشبهة طرحت وراجت مبكراً منذ أيام مايسمى برموز النهضة الأوائل كالأفغاني وعبده، والعامل الذي يوحي بذلك أننا نجد الأستاذ رشيد رضا (ت1935م) يرد على هذه الشبهة في مواضع من تفسيره، ومن نماذج ذلك قول الأستاذ رشيد رضا:

(فإن قيل إن مقتضى حرية الدين التي امتاز بها الإسلام في معاملة أهل الكتاب أن يسمح للمنافقين بأن يظهروا كفرهم؟ قلنا: إن الجمع بين إظهار كفرهم وحسبانهم من المسلمين، لهم ما لهم من الحقوق وليس عليهم ما عليهم من الواجبات؛ تناقض لا يقول به عاقل .. ، فإن قيل: إن القرآن قد فضح بعض المنافقين في هذه السورة وحكم بكفرهم، ولم ينفذ النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم أحكام المرتدين عن الإسلام، بل بقي يعاملهم هو وأصحابه معاملة المسلمين؟ قلنا: إن ما بينه الله تعالى من حال المنافقين إنما كان وصفا لأناس غير معينين بأشخاصهم .. ، وكان الذين عرف النبي وبعض أصحابه أشخاصهم قليلين جداً).

[تفسير المنار، التوبة، 129]

ومن أوائل من استعمل هذه الشبهة – أيضاً - الشخصية الأزهرية الجدلية عبدالمتعال الصعيدي (ت1966م) في كتابه (الحرية الدينية في الإسلام)، وقد لاحظت أن عدداً من من مؤرخي الفكر السياسي العربي اعتنو بأطروحات الصعيدي، لكن اللافت أن الصعيدي نفسه في كتابه الآخر (السياسة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين) المنشور 1961م دافع فيه دفاعاً مستميتاً عن حرب أبي بكر للمرتدين (ص60)

وممن استعمل هذه الشبهة – أيضاً - الدكتور المصري المعروف أحمد صبحي منصور وهو من غلاة العلمانيين، وكان مدرساً بجامعة الأزهر، ثم طرح عدة كتب تضمنت إنكار السنة النبوية، فجرت بينه وبين علماء الأزهر سجالات انتهت بفصله من الوظيفة عام 1987م، وكان لهذه الحادثة دوي وضجيج في الساحة الفكرية المصرية، فاستمر حانقاً على علماء الأزهر، وفي عام 1994م نشر دراسة بعنوان (حرية الرأي بين الإسلام والمسلمين) وحاول أن يؤسس فيها مفهوم الحرية بناء على آيات المنافقين، ويقول الدكتور في إشارة لمن انتقده: (رددت عليه باننى استشهد بآيات القرآن الكريم وهى التى تضمنت تقريراً كاملاً عن حرية المنافقين القوليه والفعليه، وأمر النبى والمؤمنيين بالإعراض عنهم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير