تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حقيقة تأثير السِّحر والجن

ـ[حاتم الحاجري]ــــــــ[11 - 06 - 10, 12:04 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

زعم البعض أن السحر ليس له أي تأثير حقيقي أو حِسِّي. وزعم البعض أيضاً أنه لا اتصال بين عالم الجن والإنس، وأنه لا يمكن للجن أن يؤثر في عالم الإنس.

وهذا مما نقل أهل العِلم خِلافه، بل إن من السِّحر ما قد يُؤثر في الأنفس أو في الأبدان، ومنه ما قد يكون من باب الحِيل والخداع.

ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحِر له وتأذى من ذلك.

روى البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زُرَيْق، يُقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: "يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان". فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، فجاء فقال: "يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين". قلت: يا رسول الله، أفلا استخرجته؟ قال: "قد عافاني الله، فكرهت أن أثور على الناس فيه شرا". فأمر بها فدُفِنَت.

(صحيح البخاري 5763 - 5765 - 5766).

ولا يُقال: إن سحر الرسول صلى الله عليه وسلم يوجب له لبساً في النبوة والرسالة؛ لأن أثر السحر لم يتجاوز ظاهر الجسم الشريف، فلم يصل إلى القلب والعقل. فهو كسائر الأمراض التي قد تعرِض له، والتشريع محفوظ بحفظ الله تعالى، قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [سورة الحِجْر – الآية 9].

(عالم الجن والشياطين ص113: من سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة – د. عمر سليمان الأشقر).

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لسورة الفلق:

وقوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضَّحاك: يعني السواحر – قال مُجاهد: إذا رقين ونفثن في العقد. وروى ابن جرير عن ابن طاوس عن أبيه قال: ما من شيء أقرب من الشرك من رقية الحية والمجانين. وفي الحديث الآخر: أن جبريل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشتكيت يا محمد؟ فقال: نعم. فقال: باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شر كل حاسد وعين، الله يشفيك. (رواه مسلم 40/ 2186).

ولعل هذا من شكواه عليه السلام حين سُحِر، ثم عافاه الله وشفاه، ورد كيد السحرة الحُسَّاد من اليهود في رؤوسهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم، وفضحهم، ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً من الدهر، بل كفى الله وشفى وعافى.

ثم أورد ابن كثير حديث السحر الذي وقع لرسول الله عليه الصلاة والسلام، السابق ذكره.

وعن عِمران بن حصين رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من تطير أو تُطُيِّر له، أو تَكَهَّن أو تُكُهِّن له، أو سَحَر أو سُحِر له، ومن عقد عقدة، أو قال: عقد عقدة، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. (السلسلة الصحيحة للألباني 6/ 311).

وأهل السُنة يؤمنون بالسحر ويثبتون وقوعه، بخلاف المعتزلة.

قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} سورة البقرة – الآية 102

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير