تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رسالة إلى مضطر]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[11 - 06 - 10, 10:14 ص]ـ

[رسالة إلى مضطر]

شامل بن إبراهيم ( http://www.denana.com/main/writer.aspx?id=54)

سلام على كل مؤمن مبتلى مغموم، سلام عليك إذا ودعت أبا كريما طالما مد يد المعروف إليك، سلام عليك إذا ودعت أمَّاً حنوناً طالما أسْدت يد المعروف إليك، سلامٌ عليك إذا فجعت بها وقد كان ثديها لك سقاء وبطنها لك وعاء وحجرها لك حواء، سلامٌ عليك إذا ودعت الأصحاب والأحباب وخلفوك في هذه الدنيا وحيدا مع الذكريات، سلامٌ عليك إذا فجعت بهم وعظم مصابك بهم ..

سلامٌ على من بات طريح الأسِرَّة البيضاء، سلامٌ على من نزل به البلاء فعظم عليه البلاء، سلامٌ على أهل البلايا من عباد الله المؤمنين، عظَّم الله أجركم وجبر الله كسركم وعوَّضكم خيْريْ الدنيا والآخرة، ومن لكم غير الله يبدد أشجانكم وأحزانكم، ومن لكم غير الله يؤنسكم من الوحشة ويعيد إليكم ما فقدتم من النعمة، ومن لكم غير الله إذا دفعتم عن الأبواب إلا بابه، ومن لكم غير الله إذا صرفتم وخاب الرجاء إلا رجائه؟

أحبتي في الله: إنها الدار وأي الدار دار الدنيا والدناءة إن أضحكتك يوما أبكتك أياما وان سرتك يوماً ساءتك سنيناً وأعواماً هي الدار التي جعل الله عز وجل شرورها أعظم على المؤمن من شرورها على من كفر هي الدار التي جعل الله بلاءها على من بر أعظم من بلائها على من عجز فالمؤمن فيها غريب حتى يلقى الله فهو ابن الآخرة وليس ابننا لهذه الدنيا الدنيئة ..

أخي المكروب أول وصية أوصيك بها إذا فجعت في نفسك أو اهلك وولدك أو مالك أو أي بلاءٍ حل بك أن ترضى عن الله فوالله ما رضيَ عبدٍ عن الله إلا أرضاه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن عِظم الجزاء على عظم البلاء وان الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) ..

اعلم أخي في الله أنه إذا أصابك البلاء فرضيت عن الله أرضاك الله في الدنيا والآخرة وأقرَّ الله عينك وأثلج صدرك فكم من مصيبة عادت نعمة على العبد إذا رضي عن الله تبارك وتعالى وكم من بلايا رضي أصحابها زادتهم من الله قربة ومن الله رضاً وحبا ..

سار الفضل رحمه الله في جنازة ابنه فتبسم فقالوا له لما تبسمت رحمك الله؟ قال احتسبت مصيبتي عند الله فذكرت ما لي عند الله فسلوت فضحكت، فكلما كان اليقين في قلب العبد وجدته أثبت جنانا واشرح لله صدراً والله ما رضي عبدٌ عن الله إلا جعل الله له من كل همٍ فرجا ومن كل ضيقٍ مخرجاً ..

الوصية الثانية: أخي الحبيب هو علمك بأنه لا يرفع البلاء إلا الله وأنه لا يدفع هذا العناء الذي تجده إلا الله .. كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه، فأوصى البراء بن عازب رضي الله عنه إذا أوى إلى فراشه أن يقول: (اللهم إني أسلمت نفسي إليك وألجأت ظهري إليك وفوضت أمري إليك رغبة ً ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك) ..

فأول ما يحس الإنسان بالبلاء، إذا أراد أن يفرج الله كربه وهمه أن يحس من أعماق قلبه أنه لا ينجيه أحد من هذا البلاء إلا الله عز وجل .. هذا نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أوذي في الله فصبر فجمع له قومه ذلك الوادي العظيم من النار حتى إذا تأجج ذلك الوادي بناره صار مقبلاً على ذلك البلاء العظيم مسلماً لله عز وجل فيما ابتلاه فلما قدم قال له جبريل: هل لك من حاجة؟ ذلك الملك الذي لو أذن الله له لخسف الأرض ومن عليها بجناحه.

قال: يا إبراهيم هل لك من حاجة؟ فقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: أما إليك فلا وأما إلى الله فحسبي الله ونعم الله الوكيل .. فقال الله تعالى: (يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم).

وقد أصيب بعض السلف وعظمت عليه هذه المصيبة وكانت آفة في جسده، وما زال يعرض نفسه على الناس حتى يئس من علاج هذا الداء، وقنط أن يشفى من ذلك البلاء، فدخل يوما من الأيام على رجل يتلو كتاب الله فسمعه يتلو قول الله عز وجل: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه)، فقال: اللهم أنا المضطر وأنت المجيب فارفع عني ما أنا فيه .. فما قام من ساعته إلا وهو معافى ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير