[الجرأة على العلم والفتوى، خطبة للشيخ صالح آل طالب من البيت الحرام]
ـ[محمد براء]ــــــــ[12 - 06 - 10, 11:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من الله عليَّ يوم الجمعة 21/ 6/1431 هـ بحضور خطبة وصلاة الجمعة في المسجد الحرام، وكان الخطيب هو الشيخ صالح آل طالب، وخطب في موضوع هام جداً وهو الجرأة على الفتوى والشريعة، وخطبته من أفضل الخطب التي حضرتها، فأحببت إفادة إخواني بها.
والتسجيل منقول.
ـ[محمد براء]ــــــــ[13 - 06 - 10, 12:17 ص]ـ
هذا تفريغ للخطبة منقول أيضاً
الخطبة الأولى
الحمد لله. الحمد لله الذي تقدس وتنزه وتعالى، حسنت أسماؤه وكملت صفاته فبلغت الغاية حسنا وكمالا، أنزل على خلقه الشرائع وبعث فيهم الرسل ووالى، فمن أعرض عما جاء عن الله فبسئت حاله حالا، ومن اهتدى واقتفى فياحسن الجنة مستقرا له ومآلا .. فهل الدين إلا اتباع؟ وما جُعِل الأمر إلا ليُطَاع ولا النهي إلا للامتناع، والشرع كل الشرع مطاق ومستطاع.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. عظم ربنا خلقا وأمرا وجلالا .. أبان لنا الدين حراما وحلالا، صلى الله وسلم وبارك على رسوله وعبده محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أمته أتباعا وصحابة وآلا.
أما بعد ..
فاتقوا الله - تعالى - حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102 سورة آل عمران).
واعلموا - رحمكم الله - أن الدنيا دول قد دالت على عاد وثمود وأهل القرون الأول، وأن المال عارية والنفس عائدة إلى خالقها إما راضية مرضية أو ساخطة شقية، ولنا بمن قبلنا أسوة ولمن بعدنا عبرة؛ فطوبى لمن عمر آخرته وقصد رضا ربه.
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل .. فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون .. اهدنا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ..
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
عباد الله .. أيها المسلمون: كلنا سائرون إلى الله - تعالى - مسافرون إلى الدار الآخرة، وهناك تنشر الصحف وتوضع الموازين:فَأَمَّا مَن طَغَى *وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (37 – 41 سورة النازعات) ..
ولقد جاءت شريعة الله في هذه الدنيا لإخراج الناس من داعية أهوائهم حتى يكونوا لله عبادا، وهذه هي حقيقة العبودية لله .. أن نستسلم له في شرعه وقدره وأن نتحقق من مراد الله لنأخذ به لا لنتحيَّلعليه أو نتهرب منه؛ إذ مقصد وجودنا هو تحقيق هذه العبودية لله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56 سورة الذاريات).
وعبادة الله - تعالى - تتمثل في توحيده وطاعته وامتثال حكمه في أمره ونهيه .. وهل الطاعة إلا في الحلال والحرام؟
أيها المسلمون: الحاكم بالحلال والحرام هو الله - تعالى - ونعرف حكم الله من كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بفهم الصحابة - رضي الله عنهم - لا بالهوى والتشفي، وإن الله - تعالى - اصطفى من هذه الأمة من حمل الشريعة خالصة نقية كما جاء بها المصطفى المعصوم - صلى الله عليه وسلم - وجعل اتباعهم سنة وهدى وترسُّم آثارهم سلامة ورشدا، وأول أولئك وأولاهم هم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم الذين شهدوا التنزيل وعلموا التأويل، وهم أعلم بمراد الله ومراد رسوله ..
يليهم علماء راسخون وأعلام بالسنة قائمون .. أذابوا عمر الشباب وشطرا من سن الكهولة في حِلَق العلم والتعلم .. ثنيا للركب في النهار ومجافاة للنوم في الليل، يقطعونه بحثا واطلاعا وحفظا وتفقها .. يصاحب ذلك خشية تجلل الأفئدة وتقوى تعمر القلوب، ناهيك عن رحلاتهم لفجاج الأرض تحصيلا للعلم واستقصاء في الطلب، ثم بعد ذلك كله لا يتصدى أحدهم للفتيا في مسألة من دين الله إلا بعد أن يشهد مائة من أهل العلم أنه بذلك أهل ..
¥