تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(1) هذا الحديث أول حديث أورده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد)، وذلك لاشتمال هذا الحديث بوضوح على بيان حق الله على عباده، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً))، وهذا الحق الذي بينه الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه في هذا الحديث، مشتمل على النفي والإثبات الذي اشتملت عليه (لا إله إلا الله)، فإن قوله (أن يعبدوه) إثبات، وقوله (ولا يشركوا به شيئاً) نفي، والمراد بذلك نفى جميع أنواع العبادة عن كل ما سواه، وإثباتها لله وحده لا شريك له، فكما أنه سبحانه وتعالى المنفرد بالخلق والإيجاد والإحياء والإماتة، فيجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له، وهذا النفي والإثبات الذي اشتملت عليه هذه الجملة التي بين بها الرسول الكريم ـ عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ حق الله على عباده، جاء في آيات كثيرة، أورد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه المذكور كثيراً منها قبيل إيراد هذا الحديث ومنها قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} النحل36، فقوله: {أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ}، إثبات وهو بمعنى: إلا الله، وقوله: {وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} نفي وهو بمعنى: لا إله، فتحصل من النفي والإثبات معنى (لا إله إلا الله) التي هي كلمة الإخلاص، ومنها قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} الإسراء23 الآية، فهي بمعنى (لا إله إلا الله)، ومنها قوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} النساء36، فجملة الأمر إثبات، وجملة النهي نفي، فهي بمعنى (لا إله إلا الله)، وتنكير (شيئاً) لإفادة عدم الإشراك به أي شيء كان، وأن يخص بالعبادة وحده لا شريك له، ومنها قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئا} الأنعام151 الآية، أي: أن تخصوه بالعبادة وحده دون أن تجعلوا له شريكاً في شيء منها، وختمت هذه الآيات بقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} الأنعام153، فقوله: {فَاتَّبِعُوهُ} إثبات، {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ} نهي مؤداه النفي، فهي بمعنى: (لا إله إلا الله)، أما الآية التي افتتح بها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ذلك المؤلَّف العظيم في توحيد الله تعالى فهي قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات56، وقد اشتملت على بيان الحكمة في خلق الثقلين الجن والإنس، وهي أن يعبدوا الله وحده ويخصوه بجميع أنواع العبادة، ولا يصرفوا لغيره شيئاً منها.

(2) قوله (بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم): قال الحافظ في (الفتح): الردف والرديف: الراكب خلف الراكب بإذنه، وردف كل شيء مؤخره، وأصله الركوب على الردف وهو العجز، ولهذا قيل للراكب الأصلي: ركب صدر الدابة، وردفت الرجل إذا ركبت وراءه، وأردفته إذا أركبته وراءك.

(3) قوله: (ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل): قال الحافظ في (الفتح): الرحل للبعير كالسرج للفرس، وآخرة ـ بالمد وكسر المعجمة بعدها راء ـ هي العود الذي جعل خلف الراكب يستند إليه، وفائدة ذكره المبالغة في شدة قربه ليكون أوقع في نفس سامعه أنه ضبط ما رواه. وقال الحافظ: ووقع في رواية عمرو بن ميمون عن معاذ: ((كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له: عفير) ووقع عند أحمد من رواية عبد الرحمن بن غنم عن معاذ: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب على حمار يقال له: يعفور رسنه من ليف) قال: ويمكن الجمع بأن المراد بآخرة الرحل: موضع آخرة الرحل للتصريح هنا بكونه كان على حمار، وإلى ذلك أشار النووي، ومشى ابن الصلاح على أنهما قضيتان. انتهى.

(4) قوله (لبيك): المراد به إجابة بعد إجابة، أو إجابة لازمة. قاله الحافظ ابن حجر في (الفتح). وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: والأظهر أن معناها: إجابة لك بعد إجابة للتأكيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير