تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والفتاوي في السيارة، وربما سمع شيئاً وهو على الغداء، ويذكر الله حتى بين لقمتين، وشاهدت من علمائنا من يسأل حتى وهو يبحث عن نعاله بين نعال الناس. وكان الشيخ/ محمد بن صالح بن عثيمين في مرحلة الطلب يدرس على شيخه عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله كان وقد يكون الشيخ/ عبد الرحمن مدعو لوليمة أو دعوة فيذهب للدعوة، فيماشيه الشيخ/ ابن عثيمين في الطريق حتى يصل إلى مكان الدعوة ثم قد يدخل معه وقد يرجع، ولكنه لو رجع فقد استفاد استفادة عظيمة. وهؤلاء العلماء محافظون على وقتهم جداً، ومنهم علامة العصر في الحديث الشيخ/ الألباني رحمه الله، فإن بعض الناس قد يقول عن بعض المشايخ وهم يحددون أوقاتهم، يقول: الشيخ ناشف، الشيخ لا يعطينا وجهاً، وفي الحقيقة أن الشيخ يحافظ على وقته، وإلا لو استمر يتكلم مع الناس لذهبت عليه أمور كثيرة.

تنظيم الوقت وقضية التسويف:

ومن الأمور الضارة بمسألة تنظيم الوقت واستغلاله: قضية التسويف، والتسويف داء كبير يحرم من خيرات كثيرة دنيوية وأخروية، والتسويف عادة يحدث للمهمات الضخمة والصعبة، فالناس يؤجلون ويسوفون عندما تكون المسألة صعبة، فلذلك يجد في نفسه دافعاً للتأخير، والناس أمام المهمات الكبيرة أحد شخصين: يقول: هذه المهمة يجب عملها، ولكنها صعبة وشاقة؛ لذلك سأؤجلها قدر المستطاع. وبعض الناس يقول: هذه مهمة ثقيلة ولكن يجب أن أقوم بها، فلأنفذها الآن وأرتاح، وهذا هو الرجل المضبوط الذي عندما تأتيه مهمة صعبة يقول: هذه صعبة لكن لابد أن أعملها وأرتاح منها. والتسويف عادة يحدث في المهمات التي ليس لها بداية محددة أو نهاية محددة أي: مسألة مفتوحة، ولذلك بعض العوام يخطئون في قضية حكم الحج الآن، فعندهم الحج مسألة صعبة خصوصاً الذي لم يحج، فهو يقول: ماذا سيحدث هناك؟ سوف يتكلف للذهاب للحج شيئاً كثيراً، فلذلك تجد بعض الناس يؤخرون الحج، ويسوفون إلى السنة الآتية إلى التي بعدها .. وهكذا، فهم يؤخرون الحج لصعوبته هذا شيء، والشيء الآخر: يظنون أن الحج ليس على الفور وإنما هو على التراخي، والحقيقة غير ذلك، فإن الإنسان لو صار عنده استطاعة للحج هذه السنة فإنه يجب عليه أن يحج هذه السنة ولو لم يحج هذه السنة؛ فإنه يأثم؛ لأن الحج ليس على المزاج فمتى ما أردت أن ححجت تحج، لا. إذا ملكت الاستطاعة من الزاد والراحلة وأمن الطريق ... إلى آخره؛ فيجب عليك أن تحج هذه السنة التي استطعت فيها مباشرة وليس لك أن تؤخر، قال عليه الصلاة والسلام: (عجلوا الخروج إلى مكة، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من مرض أو حاجة) وقال: (من أراد الحج فليتعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة وتعرض الحاجة) حديثان صحيحان. إذا كانت المهمة كبيرة وليست قابلة للتجزئة؛ فلابد من التحمس لفعلها وعدم تسويفها، ومما يعين على ذلك: التفكر في أهمية الأجر والثواب فيه، فمثلاً: عندما تفكر في أجر الحج، فعند خروجك من بيتك تقصد البيت الحرام؛ فإن لك بكل خطوة تخطوها راحلتك حسنة، تمحو سيئة وترفع درجة، وأما حلقك لرأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، وأما رميك الجمار فإنه مذخور لك، وأما مسح الحجر الأسود والركن اليماني فإنهما يحطان الخطايا حطاً، وأما وقوفك بعرفة فإن الله يباهي بك الملائكة، وترجع من الحج وقد خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك، عندما يتأمل الإنسان هذه المسألة يهون عليه الأمر ولا يسوف المهمات الكبيرة. أما إذا كانت المهمة قابلة للتجزئة، فحاول أن تجزئ العمل الكبير إلى أجزاء صغيرة، وهذا تجده يفي كثيراً، وهو علاج للتسويف بحيث تستطيع أن تعمل عدة خطوات في البداية بسهولة فيسهل عليك الباقي، مثلاً: لو أن إنساناً كلف ببحثٍ في الجامعة مثلاًً وهذا البحث كبير فعليه أن يجزيء هذا البحث إلى أجزاء صغيرة جداً، فيكون: أولاً: إيجاد الموضوع. ثانياً: البحث عن المراجع. ثالثاً: توفير المراجع. رابعاً: قراءة المراجع. خامساً: وضع علامات على الأشياء التي تريد أن تنقلها. سادساً: نقل هذه الأشياء ببطاقات. سابعاً: ترتيب البطاقات. ثامناً: تبييض المسودة. تاسعاً: طباعة البحث وتغليفه وهكذا. هذه المهمة أمكننا أن نجزئها إلى أجزاء، هذه الأجزاء تساعدك وتسهل لك إكمال البحث، لكن لو قلت: هذا البحث سوف أتمه من أوله إلى آخره فقد لا تستطيع، ثم تسوف وتقول: بعد ذلك ويقترب موعد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير