تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تسليم البحث وأنت لم تعمل شيئاً بعد، وإذا كانت مشكلتك التسويف فلا تسوف في حلها، ولا بد أن تعلم -أيها الأخ المسلم- الفرق بين التسويف والتريث، فالتريث يعني: أن تنتظر الفرصة المناسبة فقد تكون الإمكانات والأدوات غير متوفرة ولم يحن الوقت المناسب بعد، بينما التسويف أن تدفع الأمر مع استطاعتك أن تعمله الآن، والحاجة إليه قد قامت، ووقته قد حان، ولكنك تتعذر بأعذار واهية، تقول: ليس عندي وقت ولا أستطيع أن أفعله لوحدي، سوف أنتظر غيري ليساعدني، سأحاول .. سأحاول .. وهكذا، يدفع الناس المهمات التي لا يقومون بها، ومعظم الأزمات في الأوقات تحدث عندما تؤجل الأشياء المهمة إلى آخر لحظة، فيكلف إصلاح الوضع عند ذلك طاقات كثيرة. وبعض الناس يشغلون أنفسهم بقضايا تشعرهم أنهم يستفيدون مع أنهم غفلوا عن أمور أساسية كثيرة، فيتهرب من الشيء المهم ويؤجله ويشغل نفسه بأشياء تافهة وجانبية، فلو أن إنساناً عنده غداً امتحان، فبدل أن ينشغل به مثلاً تجده يرتب الطاولة والخزانة والكتب، وينشغل بهذه الأشياء، ويقنع نفسه بأنه يفعل شيئاً مهماً بينما هو قد غفل عن الشيء الأساسي.

تحديد أوقات نهائية لإنهاء المشروع:

ومن الأمور المساعدة في تنظيم الوقت وعدم التسويف تحديد أوقات نهائية لإنهاء المشروع، كتحديد وقت لقراءة كتاب مثلاً، تقول: لابد أن أنهي هذا الكتاب في تاريخ كذا، لكن هذا التاريخ ينبغي أن يكون مناسباً لطول الكتاب أو قصره وصعوبته وسهولته وهكذا، ولو أن الإنسان عجز عن الالتزام بأوقاته المحددة أمام نفسه، فإن من العلاجات أن يستعين بشخص آخر. إن الشخص قد يصعب عليه أن يلتزم بوقت ما بمفرده، افرض مثلاً أنك قررت أن تحفظ جزءاً من القرآن في خلال أسبوع، لكنك فشلت، حددت وقتاً آخراً، قلت: آخر وقت هو الأسبوع القادم يوم الجمعة، لكنك فشلت، ومددت الوقت ثلاثة أيام وفشلت فمن الأساليب أن تلتزم مع آخرين في هذا الحفظ، وهذا ما يؤكد أهمية التربية الجماعية مرة أخرى، وهناك خدعة إبليسية يقع فيها بعض الناس، فبعض الناس يقول: أعمل الشيء كاملاً (100%) وإلا لا أعمله، ولذلك أحياناً يستطيع أن يعمل (70%) من العمل، لكن بحجة أنه لم يكمله إلى آخره، تراه يترك الموضوع. وبعض الناس يستطيع مثلاً أن يوفر المراجع ويقرأها، ويخطط للأشياء التي يريد أن يكتبها وينقلها، لكن لأنه لم يجد -مثلاً- أدوات معينة أو أوراقاً أو طباعة أو ملفات أو شيئاً من هذا القبيل؛ فتجده يترك العمل، مثلاً: أحدهم يبحث في عشرين مرجعاً فما وجد إلا خمسة عشر مرجعاً يقول: لا يوجد فائدة نقفل، فبعض الناس عندهم هذه المشكلة النفسية يقول: إما أن أعمله كله أو أتركه كله، ونحن نعلم القاعدة: ما لا يدرك كله، لا يترك جله أو بعضه.

استغلال الوقت في النافع والمفيد والأهم:

الآن نحن عرفنا كيف نوفر الأوقات، ولكن السؤال الأهم: ماذا نعمل في هذه الأوقات التي وفرناها؟ نقول: أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك في كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها كما قال ابن القيم رحمه الله: إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته. بعض الناس يقول: هل الأفضل أن أستغل وقتي في الصلاة أو في قراءة القرآن أو حفظ العلم، أو في الدعوة، أو مساعدة أخ مسلم .. ماذا أفعل؟ أحياناً يضطرب الإنسان في تحديد الشيء الذي يملأ به وقته، فنقول: اسمع هذا الكلام للإمام ابن القيم رحمه الله يقول: فأفضل العبادات في وقت الجهاد الجهاد، وإن آل ذلك إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار، والأفضل في وقت حضور الضيف مثلاً القيام بحقه أي: إذا جاء أحدهم ضيف، تجده يقول: والله إنًّ قراءة القرآن أنفع لي، فالحرف بعشر حسنات، وهذا الضيف دعه يذهب إلى الفندق أو المطعم وهذا أحسن له وأحسن لي، نقول: لا. (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه). لو جاء لزوجتك وأولادك حق عليك في شراء حاجيات يريدونها؛ فلا تقل: أريد أن أنزل إلى السوق فإن فيه مفاسد وهذه الأشياء مادية فاتركني أذهب إلى الصلاة أفضل لي. والأفضل في أوقات السَّحَر الاشتغال بالصلاة والقرآن والدعاء والذكر والاستغفار، والأفضل في وقت استرشاد الطالب وتعليم الجاهل الإقبال عليه، فالرسول عليه الصلاة والسلام ترك خطبة الجمعة لكي يعلم أعرابياً جاء يسأل عن دينه،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير