تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ? [المنافقون: 1 - 3]، ونِفاق أصغر لا يُخرِج عن الملة، ويُعتَبر معصية كبيرة، وهو إظهار الخير وإبطان الشر، وقد دلَّت عليه نصوص السنَّة؛ كقوله - عليه الصلاة والسلام - من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه -: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان)) [6] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn6).

رابعًا: أكل الحرام:

الحرام عند العلماء - خاصَّة الأصوليين - مفهومه: ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام، وحكمه وضابطه يُثاب تارِكُه ويستحقُّ العقاب فاعلُه، أمَّا أكله فيَعنِي تناولَه، فيكون أكلُ الحرام اصطِلاحًا تناولَ الممنوع شرعًا، أو التلبُّسَ بالممنوع شرعًا؛ حتى يعمَّ التناوُلَ وغيرَه، بحكم أنَّ التناوُل يتعلَّق بالأكل دون غيره، فيكون القصد بالأكل في المفهوم أشمل ممَّا يدل عليه اللفظ، وقد جاءت في التحذير من أكل الحرام نصوصٌ متعدِّدة في كتاب الله - تعالى - وسنَّة النبي - صلَّىَّ الله عليْه وسلَّم - من ذلك قوله - تعالى -: ? وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ? [البقرة: 188]، وقوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ? [النساء: 29]، والمراد بالباطل: ما يُخالِف الشرعَ؛ كالرِّبا، والقمار، والبخس، والظلم، قال بعض المفسِّرين: "والمراد من الأكل: ما يعمُّ الأخذَ والاستِيلاءَ، والمراد بالباطل: الحرام" [7] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn7)، ومن الأدلَّة التي تدلُّ على أكل الحرام ما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه -: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يُبالِي المرءُ بما أخذ المال، أمن الحلال أم من حرام)) [8] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn8)، وما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - كذلك: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يا أيها الناس، إن الله طيب لا يَقبَل إلا طيبًا، وإن الله أمَر المؤمنين بما أمَر به المرسلين، فقال: ? يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ? [المؤمنون: 51]، وقال: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ? [البقرة: 172]))، ثم ذكَر الرجل يُطِيل السفر، أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء، يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يُستَجاب لذلك [9] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn9).

والناظر في مفهوم الغش والمفاهيم الأخرى يُدرِك مَدَى تقارُبها من حيث معناها ومقتضاها؛ ولهذا فإنَّ هناك تقاربًا في المفاهيم يجعلها في منظومة مفاهيميَّة واحدة تَتقارَب مضامينها وإن لم تَتطابَق كليًّا؛ ولذلك نقرِّر فنقول تأسيسًا: إنَّ الغشَّ من حيث مفهومُه يتضمَّن الخيانة بحكم كون الغشِّ نقضًا للعهْد وتفريطًا في الأمانة، وهو يقتَرِب من النفاق العملي؛ لكون الغاشِّ يُضمِر خِلافَ ما يُظهِر، ويترتَّب على الغشِّ أكلُ المال الحرام؛ لأنَّه أكل أموال الناس بالباطل.

المطلب الثاني: حكم الغشِّ وأنواعه:

لا أحد يختلف يقينًا بعد التعرُّف على المفاهيم السابقة في حكم الغشِّ من حيث حرمته وذمه في الشرع، ولهذا جعل الباحث هذا المطلب محصورًا في بيان حكم الغش بصورة عامَّة، ثم يتبعه بذكر أنواعه كما دلَّت عليه النصوص الشرعية كتابًا وسنة:

أولاً: حكم الغش:

الذي يظهر من كلام أهل العلم عن الغش أنَّه من الكبائر، كما هو صنيع الذهبي [10] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn10)، وابنِ حجر الهيتمي [11] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn11)، والمُناوي [12] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn12)، وقد دلَّت على هذا الحكم عِدَّةُ نصوص بدلالاتها التصريحية والإيمائية، ومن ذلك:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير