[الفتاوى المغتصبة]
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[21 - 06 - 10, 12:06 ص]ـ
إثارة مسائل الخلاف والحرص على نَثَّها، والقول بالمرجوح منها:
لماذا تثار هذه المسائل الشاذة وتقويتها في هذا الوقت بالذات؟!
وممن؟
من الذين ليس لهم قدم راسخة في العلم - حتى عرفوا به – مع التقوى والصلاح والفضل والدعوة إلى الله.
فيتصدر الكلام في قضايا شرعية وهو غير مؤهل، وينشغل عن إصلاح نفسه وتزكيتها وترقيتها وتدارك ما فاتها من خير.
إنها أقوال شاذة، وفتاوى مغتصبة، ليست بأقوال ملزمة بإظهارها.
لو أخذ أحدنا بهذه المسائل الشاذة، أو الفتاوى المغتصبة، ماذا يمكن أن يقال عن هويته؟
هل هي هوية المسلم الذي يدين بكتاب الله، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنهج السلف الصالح للأمة؟
خذوا مثلاً:
1 ـ الصلاة في المسجد غير واجية.
2 ـ الصلاة لا يكفر تاركها.
3 ـ اللحية وجواز حلقها.
4 ـ إسبال الثوب لغير المخيلة.
5 ـ سماع الأغاني حلال بجميع أنواع المعازف.
6 ـ حجاب المرأة والكشف عنه.
7 ـ جواز الاختلاط.
8 ـ التعامل مع الفوائد الربوية، وجواز ذلك.
9 ـ التقارب مع الروافض وزيارتهم والتودد لهم.
10 ـ و غير ذلك ..
تصوروا رجلاً، لا يصلي، وقد حلق لحيته، وأسبل ثيابه، ويستمع للأغاني، ويختلط بالنساء دون حياء، ويتعامل بالفوائد الربوية، وامرأته لا حجاب عليها، و .... ، و ..... ، و ....
أليست هذه هي الغربة الحقيقية للدين؟
بلى، والله.
فيا أيها الناس:
ذكر مسائل الدين ذكر رعاية، لا ذكر رواية؛ فإن رواة العلوم كثير، ورعاتها قليل.
إنها الدعوة إلى تطوير الإسلام لكي يوافق الأمر الواقع في حياتنا العصرية من خلال: فتح باب الاجتهاد على مصراعيه؛ حتى دخل منه القادر وغير القادر، وصاحب الورع وأصحاب الهوى؛ فظهرت الفتاوى الشاذة من جراء ذلك و أصبح الناس الآن في فوضى حقيقية من الفتاوى الشاذة التي يطلقها من ليس من أهل العلم الراسخين، أو ممن يقوم بفعلها، ممن لا يقتدى بفعله.
وصدق أبو الطيب المتنبي:
وَوَضْعُ النَّدى في مَوْضِعِ السَّيْفِ بِالعُلى ... مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضعِ النَّدى
«ولم يفلح من جعل هذا النوع من الخلاف سبيلاً إلى النيل من هذا الدِّين وإلى علمائه المجتهدين.
ولم يفلح من جعل من هذا الخلاف سبيلاً إلى تتبع رخص المذاهب، ونادر الخلاف، وندرة المخالف، والتقاط الشواذ، وتبني الآراء المهجورة، والغلط على الأَئمة ونصبها للناس ديناً وشرعاً ..
ومنها: إصدار الفتاوى الشاذة الفاسدة، مثل: الفتوى بجواز الفوائد الربوية، وشهادات الاستثمار وسندات الخزينة، وفتوى إباحة
التأمين، وفتوى إِباحة السفور، وفتوى إِباحة الاختلاط.
وكلها فتاوى شاذة فاسدة تُمالئ الرغبات، وبعض التوجهات، وقد رفضها المسلمون، وبقيت في دفاتر مصدريها يحملون مسؤليتها، نسأل الله السلامة والعافية، وهي حقيقة أَن تُلقب باسم: " الفتاوى المغتصبة "، و للشاطبي- رحمه الله تعالى- في: " الموافقات (4/ 259 - 260) كلام نفيس في أَن تتبع الخلاف، والقول الشاذ؛ من اتباع الهوى. والله أعلم.
وكل هذه أذايا يُحَارِبُ بها المسلمون أَنفسهم، ويَصْدَعُوْنَ بها صَفَّهم، ويَسْتَعْدُوْنَ بها الكافرين عليهم!!».
المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب (1/ 107)، للعلامة بكر بن عبد الله أبو زيد المتوفى: 1429هـ ـ رحمه الله ـ
فإنا لله وإنا إليه راجعون، ووا أسفاء على غربة الدين وأهله في طلاب العلم خاصة - والذي ينبغي أن يكونوا أبعد الناس عما يخالف شريعة الإسلام -، وإفشاء البدع والجهالات بين الناس عامة.
وهذا زمان الصبر من لك بالتي ... كقبض على جمر فتنجو من البلا
ولو أن عيناً ساعدت فتأكفت ... سحائبها بالدمع ديما وهطّلا
ولكنها لقسوة القلب أقحطت ... فيا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا
فهذه نصيحة مني لكل إنسان، دعاني إليها غربة الدين - مع أن الأمر أجل وأكبر من الغربة -، وقلة المعرفة، وقلة الأنصار.
أقول: مع أن الأمر أجل وأكبر من الغربة؛ لأن أكثر أصول الدين وشعبه معدومة في الخواص، فكيف بعامة الناس، ومن لا علم لهم في معرفة ما جاءت به الرسل،كالغيرة لله ولحرماته، وتعظيم أوامره، ومجاهدة أعداء دينه، والبراءة من موالاة المشركين، وأعداء رب العالمين، والتحيز إلى أهل الإيمان، وموالاتهم ونصرهم، ولزوم جماعة المسلمين، وغير ذلك من حقائق الدين، وشعب الإيمان.
وهذه أوشكت أن تكون معدومة في الناس إلا من رحم الله، نسأل الله الثبات على دينه، والتمسك به عند فساد الزمان.
فأي غربة توازي هذه الغربة؟!
ومرارة الغربة في حبّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم، والإسلام.
فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وتصير السنة بدعة، والبدعة سنة، فيقام على أهل السنة بالتثريب والتعنيف.
فيا من وضعت يدك في يد الرافضي أقول لك، ماذا تقول غداً لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما يقول لك: كيف تضع يدك فيمن يتهم زوجتي بالزنا، ويلعنها ويلعن أباها، ويلعن صاحبي عمر، ويلعن أصحابي، ويترضى على أعدائي؟!!
رحماك ربي رحماك.
وأخيراً:
قال الإمام العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ في مدارج السالكين (3/ 196 - 197).
«غربة أهل الله، وأهل سنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين هذا الخلق، وهي الغربة التي مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أهلها .. هذه الغربة لا وَحشة على صاحبها، بل هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس، وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا، فوليه الله ورسوله والذين آمنوا، وإن عاداه أكثر الناس وجفوه».
أرجو عدم المؤاخذة في شدة اللفظة، وأسلوب العبارة؛ فإنها غيرة مصدور رضي بالله رباً، وبمحمد نبياً ورسولاً، وبالإسلام ديناً.
¥