قال ابن الصلاح في علوم الحديث (67):"وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ الْحَافِظِ فِي رَدِّهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ، أَوْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ. . " الْحَدِيثَ. مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَهُ قَائِلًا فِيهِ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَاقَهُ بِإِسْنَادِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِيمَا بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَهِشَامٍ، وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَعَازِفِ. وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَعْرُوفُ الِاتِّصَالِ بِشَرْطِ الصَّحِيحِ".
وقال الإمام ابن القيم في روضة المحبين (130):"وأما أبو محمد فإنه على قدر يبسه وقسوته في التمسك بالظاهر وإلغائه للمعاني والمناسبات والحكم والعلل الشرعية انماع في باب العشق والنظر وسماع الملاهي المحرمة فوسع هذا الباب جداً وضيق باب المناسبات والمعاني والحكم الشرعية جداً وهو مع انحرافه في الطرفين حين رد الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في تحريم آلات اللهو بأنه معلق غير مسند وخفي عليه أن البخاري لقي من علقه عنه وسمع منه وهو هشام بن عمار وخفي عليه أن الحديث قد أسنده غير واحد من أئمة الحديث غير هشام بن عمار فأبطل سنة صحيحة ثابتة عن رسول الله لا مطعن فيها بوجه".وانظر تهذيب سنن أبي داود (2/ 228) وقال في إغاثة اللهفان (1/ 259) تغليق التعليق (5/ 22) فتح الباري (10/ 52)
ووجه الدلالة من هذا الحديث على تحريم المعازف أنه لو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها ولما قرن استحلالها باستحلال الزنا والخمر والحرير!
الوقفة الثالثة: قال:"ولم يستطع القائلون بالتحريم أن يأتوا بهذا النص المحرم له"
أقول أهؤلاء الأئمة من الصحابة و أجلة التابعين وأتباعهم والأئمة المتبوعين وأهل العلم من فقهاء ومحدثين ومفسرين لم يستطيعوا أن يأتوا بنص واحد في تحريمه؟! فهل قالوا بتحريمه من تلقاء أنفسهم؟! أم تراهم يقولون على الله بغير علم؟! انتظر إجابة الكلباني؟!
الوقفة الرابعة:قال عفا الله عنه:" إن كثيرا من أئمة الدين المشهود لهم بالعلم والديانة المشهورين بالورع والصيانة قد أباحوا الغناء، وكانت صناعة الغناء مشهورة عند أسلافنا عبر كل القرون , فقد حفظ لنا التاريخ أسماء كثيرة ممن كانت لهم شهرة ذائعة في صناعة الغناء وتطريبه والبراعة في صياغة ألحانه , حتى صار الغناء من أشهر النوادر والملح التي لا يخلو منها كتاب من كتب الأدب والتأريخ".
والجواب عن هذا من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن العبرة بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وليست بكلام فلان وعلان إذا صادم النص كائناً من كان.
قال الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله:"كل أحد يؤخذ من قوله، ويترك، إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم". سير أعلام النبلاء (8/ 93)،البداية والنهاية (18/ 302)
الوجه الثاني: أن جل من استدل بهم على جواز الغناء بالمعازف من المغنين الذين لم يعرفوا بعلم وفقه فضلاً أن يكونوا من أهل الاجتهاد الذين ينقض بهم الإجماع، ويرد بهم كلام أهل العلم!
أقول فهل تحس منهم من أحد في باب العلم والفقه والفتيا ورواية الحديث أو تسمع لهم ركزاً؟! ولا أدري ما وجه حشره لهؤلاء المغنين مع من نسب إليهم القول بحل الغناء من أهل العلم؟!
الوجه الثالث:بقية من استدل بهم من أهل العلم والفضل على إباحة الغناء منقوض بثلاثة أمور:
الأول: أنه نسب إليهم الإباحة من غير خطام ولا زمام وبيننا وبينه القوائم (الأسانيد) فأكثر ما ذكره عن من سماهم لا تصح نسبته إليهم، بل وصح عن أكثرهم خلافه!
¥