تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهناك من يفتي بفتاوى لها حظ من النظر والصواب وقال بها بعض أهل التحقيق من أهل العلم ولكن قد تفهم على غير فهمها وتحمل مالا تحتمل فيكون السكوت عنها به أجمل وأليق .. فليس كل ما يعلم يقال.

وقد بوب الإمام البخاري في صحيحة باب "مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا".وروى عن عَلِيٌّ رضى الله عنه (127) أنه قال:"حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ".

وروى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عَبْد اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضى الله عنه قَالَ:"مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً".

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري لابن حجر (1/ 203):"وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُتَشَابِه لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَر عِنْد الْعَامَّة. وَمِثْله قَوْل اِبْن مَسْعُود: " مَا أَنْتَ مُحَدِّثًا قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغهُ عُقُولهمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَة " رَوَاهُ مُسْلِم. وَمِمَّنْ كَرِهَ التَّحْدِيث بِبَعْضٍ دُون بَعْض أَحْمَد فِي الْأَحَادِيث الَّتِي ظَاهِرهَا الْخُرُوج عَلَى السُّلْطَان، وَمَالِك فِي أَحَادِيث الصِّفَات، وَأَبُو يُوسُف فِي الْغَرَائِب، وَمِنْ قَبْلهمْ أَبُو هُرَيْرَة كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الْجِرَابَيْنِ وَأَنَّ الْمُرَاد مَا يَقَع مِنْ الْفِتَن، وَنَحْوه عَنْ حُذَيْفَة وَعَنْ الْحَسَن أَنَّهُ أَنْكَرَ تَحْدِيث أَنَس لِلْحَجَّاجِ بِقِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُ اِتَّخَذَهَا وَسِيلَة إِلَى مَا كَانَ يَعْتَمِدهُ مِنْ الْمُبَالَغَة فِي سَفْك الدِّمَاء بِتَأْوِيلِهِ الْوَاهِي، وَضَابِط ذَلِكَ أَنْ يَكُون ظَاهِر الْحَدِيث يُقَوِّي الْبِدْعَة وَظَاهِره فِي الْأَصْل غَيْر مُرَاد، فَالْإِمْسَاك عَنْهُ عِنْد مَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْأَخْذ بِظَاهِرِهِ مَطْلُوب".

وقد كان السلف الصالح يمسكون عن الحديث والفتوى عند خشية اللبس أو عدم الفهم!

قال ابن شبرمة: " إن من المسائل مسائل لا يجمل بالسائل أن يسأل عنها ولا بالمسئول أن يجيب ".رواه الخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 91)

وانظر في هذا التعليق النفيس للحافظ الذهبي عَلى حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ:" حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ". في سير أعلام النبلاء (2/ 597) (10/ 603).

وانظر لزاماً ترجمة الإمام وكيع بن الجراح في سير أعلام النبلاء (17/ 166) والمحنة التي حصلت له وكادت تذهب فيها نفسه!

وختاماً أقول لقد تكلم في العلم، وأفتى الناس من لو أمسك عن الفتيا وعن بعض ما تكلم فيه لكان الإمساك أولى به، وأقرب لسلامة له،فا للهم إنا نشكوا إليك هذا الغثاء.

وأمثال هؤلاء المتخبطون ينبغي منعهم بل يجب،فالحجر لاستصلاح الأديان, أولى من الحجر لاستصلاح الأموال والأبدان، والله المستعان.

كتبه

الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية

سعد بن ضيدان السبيعي

[email protected]

21/6/1431 هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير