تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حق الأمومة]

ـ[عمر بن عبد المجيد]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:25 م]ـ

حقّ الأمومة

د/ عبد المجيد البيانوني

لا يزال الجدل العقيم يثار بدون هوادة عن عمل المرأة، ودورها في المجتمع، ولا تزال الموازين المختلّة تقدّم هنا وهناك، عمّا يجب أن تكون عليه المرأة، وعمّا يطلب منها، وتكثر الأعباء المطلوبة، وتطول قائمة المسئوليّات، وتقف المرأة المسلمة حائرة، وهي الحريصة على مرضاة ربّها، وأداء واجباتها، والاضطلاع بمسئوليّاتها تتجاذبها التيّارات المتصارعة، لا تدري بم تبدأ؟ وأين تضع مواقع أقدامها؟ وتعظم المصيبة أكثر عندما نجد كتابات ملتزمة بمنطلقات الإسلام وهديه، تلفّها الضبابيّة في الفهم والتصوّر، والشطط في تقدير المطالب والمسئوليّات، والخلل في تحليل الواقع وتقويمه.

ويترتّب على ذلك شتّى المفاسد التي أوّلها وأخطرها ما يتّصل بشعور المرأة المسلمة أنّ وظيفتها الفطريّة الحيويّة، إن هي إلاّ وظيفة ثانويّة، لا قيمة لها أمام بهارج الأعمال الاجتماعيّة، وسلسلتها الطويلة، التي تشارك الرجال وتنافسهم ..

ولعلّ نقطة البدء في معالجة هذه الإشكاليّات كلّها هي تحديد الأولويّات في حياة كلّ من الرجل والمرأة، هذه الأولويّات التي تحكم بها الفطرة، وتشهد لها سنن الحياة، وتؤيّدها الوقائع والأحداث ..

وعندما يخرج الرجل عن أولويّاته، وتخرج المرأة عن أولويّاتها، تضيع الحقوق، وتختلّ الموازين، وتظهر التشوّهات والاضطرابات في تركيبة المجتمع وعلاقاته، ويبتدئ ذلك من معاكسة الفطرة ومعاندتها، ولن يئول حال الناس بذلك إلى رشد أو سداد .. وإذا لم يكن من غرضنا في هذا المقال أن نعرض أولويّات الرجل وأولويّات المرأة بإسهاب وتفصيل، وإنّما نسوق هذا القول تمهيداً لما نريد الحديث عنه، فإنّه غنىً لنا عن ذكر أكبر الأولويّات وأهمّها في حياة كلّ من الجنسين.

فأكبر الأولويّات وأهمّها في حياة الرجل: العمل الاجتماعيّ خارج البيت بكل جوانبه ومضامينه، ومسئوليّاته ومتاعبه، وعلاقاته وروابطه ..

وأكبر الأولويّات وأهمّها في حياة المرأة المسلمة: رعاية الأولاد في مملكتها الصغيرة، حصن المجتمع الداخليّ: ألا وهي الأسرة، تربية صالحة للأولاد وحسن تنشئة، وقياماً بحقّ الزوج على أحسن وجه، وتنمية إيمانيّة وتربويّة لنفسها بما يخدم هذه الأهداف ويحقّقها، وعندما لا يكتب للمرأة الزواج أو الإنجاب فمن الممكن عندئذ أن تتوجّه إلى بعض الوظائف الاجتماعيّة التي تتلاءم مع فطرتها ولا تتعارض، وتلتقي مع أنوثتها ولا تتناقض. ولا يخفى أنّ أولويّات كلّ من الرجل أو المرأة لها متطلّباتها الخاصّة التي تتلاءم مع طبيعتها، وتمكّنها من أداء رسالتها بصورة مثلى؛ فمن أهمّ متطلّبات وظيفة المرأة الفطريّة الشعور بالسكن النفسيّ والعاطفيّ، والهدوء الجسميّ، والبعد عن الإرهاق. ثمّ لا يمنع بعد ذلك أن يكون للرجل دوره وحضوره، وفاعليّته وتأثيره في عالم الأسرة، كما لا يمنع المرأة بعد قيامها بمسئوليّاتها أن يكون لها نشاطها المتميّز في مجالات متنوّعة من نشاطات الحياة، على ألاّ يعكّر ذلك وظيفتها الفطريّة الأولى والأهمّ في الحياة ..

وليس معنى كلامنا أنّ المرأة لا تستطيع الجمع بين وظيفتها الفطريّة وبين أيّ نشاط اجتماعيّ أو فكريّ، أو إبداع أدبيّ، وإنّما حديثنا هنا عن الأولويّة الأولى في حياتها، وألاّ ننتقص من دورها الأوّل فيها إن لم تقم بغيرها، وألاّ نقدّم أو نفضّل تلك المواهب والنشاطات عليها .. وعلى الرغم من كلّ ما فعلته الحضارة الغربيّة بالمرأة من إفساد لحياتها، وتدمير لكيانها، فإنّها لم تستطع أن تغلب قوّة الفطرة التي تأبى على المرأة أن تزاحم الرجل في أولويّاته، وتدانيه في كفايته فيها، وعندما يحتجّ بعض المفتونين ببعض النماذج من النساء، اللاتي زاحمن الرجال في مجالات الحياة، فإن تلك الحجّة تساق عليهم لا لهم، إذ ليس المطلوب لنصدّق دعاويهم أن نرى امرأة أو اثنتين أو ثلاثاً أو عشراً أو عشرين .. يعملن في هذا المجال أو ذاك، وإنّما المطلوب أن نرى نسبة النساء العاملات تتناسب مع نسبة النساء في المجتمع، ثمّ لم يقع الخلل في حياة الناس الاجتماعيّة أو الاقتصاديّة، أو في أيّ جانب من جوانبها، والواقع يشهد أنّه لم يكن هذا الأمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير