تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقاط وحروف انتصاراً للعلم والمعلّم

ـ[عمر بن عبد المجيد]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:37 م]ـ

نقاط وحروف انتصاراً للعلم والمعلّم

بمناسبة يوم المعلّم

د/ عبد المجيد البيانوني

لست أدري كيف أصبحت الأمّة التي أنزل عليها قول الله تعالى: {اقرأ باسمِ ربّك الذي خلق} تنشب الأمّيّة فيها أظفارها، وتسري في أوصالها كما يسري الداء العضال في أوصال الجسد الممتلئ فيهدّ قواه، ويزلزل كيانه.؟!

وكيف أصبحت تتخبّط في متاهات الأمّيّة الثقافيّة والفكريّة، وتعاني من حملات التغريب والتيه عن الهوّيّة.؟!

وكيف فقدت الأمّة أهمّيّة هذه الكلمة وخطورتها.؟! فأصبح القارئون والمعلّمون أدنى فئاتها إلى انتقاص الحقوق، وفقد الاعتبار والتقدير .. !

ولقد سمعت بيوم المعلّم فقلت في نفسي: إنها لبادرة طيّبة لو لم تكن كلاماً وشعاراً .. وجاء يوم المعلّم ومضى، ولم يقبض منه المعلّمون في أوطان الإسلام إلاّ كلمات المديح التي تناثرت هنا وهناك .. وأصداء الخطب الرنّانة التي تعالت في الهواء .. ثمّ مضى كلّ في سبيله .. وعاد المعلّم يمضغ همومه وآلامه، ويقتات معها ما يشبه السخرية بكيانه كلّه، بما أضافه إليه يومه المقرّر من مفارقات، وما نكأ له من جراحات ..

إن الواقع يشهد أن مكانة المعلّم المهنيّة والأدبيّة والاجتماعيّة منتقصة على كلّ مستوى: فحسناته تنسى، وربّما نسبت إلى غيره .. وأخطاؤه تضخّم، وتوضع تحت المجهر .. وربّما نسب إليه ما لم يقل أو يفعل .. ومستقبله الاجتماعيّ غامض غائم .. مضطرب مهزوز .. ثمّ يطالب بعد ذلك أن يعطي بغير حدود .. وأن يتناسى كلّ واقعه وهمومه، ليبني مجد الأمّة متمثلاً في ثمرات فؤادها، وفلذات أكبادها ..

وقديماً قال أبو العلاء المعرّيّ رحمه الله:

إنّ المعلّم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما

وقد حفظ أكثر الناس شطر نصيحة أبي العلاء، فهم يكرمون طبيب الأجسام أيّما إكرام، ويحفظون مكانته، ويحرصون على مشاعره، ويقفون منه موقف المتأدّب المتعلّم المتّبع لنصحه الملتزم .. ولكنهم وللأسف .. على الموقف النقيض مع المعلّم .. !

ولعلّهم لم يأخذوا بنصيحة أبي العلاء حبّاً بها، وإنما حرصاً على صحّتهم، وحفاظاً على أجسامهم .. !

وفي كلّ أمّة ودولة وبخاصّة في دول العالم الثالث نجد جهات عديدة تنتصر للفئة التي تتّصل بها أو تنتسب إليها .. إلاّ المعلّم فلا بواكي له ..

لقد أصبح المعلّم بحاجة ماسّة للانتصاف وردّ الاعتبار، في عيون عامّة الأمّة التي تعقد على مهمّته وجهوده الآمال الكبار، ثمّ تتنكّر له، أو تتجاهل متطلّبات حياته كإنسان يشكّل أعظم عضو فاعل في كيانها وأشرفه ..

فالمعلّم بحاجة ماسّة إلى ذلك، لأن الأمّة هي بحاجة ماسّة إليه وإلى مهنته وعمله، ولن تستطيع أن تحفظ كيانها، وتقيم قواعد نهضتها على غير عطائه وجهوده ..

ولذا فقد عزمت أن أبثّ بعض الهموم والأشجان، وأقدّم بعض المقترحات والطموحات، التي أجد أصداءها تتردّد في نفوس كثير من إخواني المعلّمين، ويتحدّثون بها في مجالسهم وأسمارهم، وأنا أقف في ذلك موقف المراقب المحايد، المطلّع الناقد، فلعلّ ما ألقيه بهذه المناسبة يجد آذاناً صاغية، وقلوباً واعية وسواعد في الخير طويلة، تنتظر الرأي السديد، والنصيحة الخالصة، لتُتبِع الرأي العزيمة، والقول العمل.!

ولعلّ من نافلة القول أن نقرّر هنا: أنه ما من حضارة أو نهضة سائدة أو بائدة إلا وقد قامت على نهضة العلم بمفهومه العامّ الشامل يوم قامت، ثمّ خرجت عن هدي العلم يوم سارت في طريق الزوال والأفول .. فآل أمرها إلى ما آل إليه .. لا تستثنى من ذلك أمّة، ولا تخرج عن هذه السنّة نهضة ..

وإذا كانت أكثر الدول تضع قضايا الأمن والاقتصاد في أعلى درجات الأولويّة، لأن أمنها الوطني أساس استقلالها وحرّيتها، واستقرارها الاقتصاديّ أساس نموّها وازدهارها، وحرّيّة إرادتها .. فإن التربية والتعليم هي القضيّة المركزيّة التي تسبق هاتين القضيّتين، وتتقدّم عليهما، بل إنها تعدّ المحور لكلّ القضايا، ولها الأولويّة المطلقة على كلّ أولويّة، لأن إحكام الأمّة للتربية والتعليم يعني إحكامها للأمن، وتقدّمها في التربية والتعليم يخدم نموّ اقتصادها وازدهاره .. فكيف لا تكون لهما الأولويّة المطلقة على كلّ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير