تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ وأما الجانب لثالث: وهو إعادة النظر في أنظمة التعليم وعلاقاته، لضبط العمليّة التعليميّة والتربويّة وتحقيق جدّيّتها، وتفعيل دور المعلّم، وحفظ مكانته، فهذا الأمر مما يكثر حوله القيل والقال .. ويكثر بسببه التنصّل من المسئوليّات، وإلقاء التبعات على الآخرين وتكون نتيجته اهتزاز الثقة بالمعلّمين، وإلقاء التهم عليهم، وتأزّمهم لما يلقون من المعاملة غير الكريمة، وضياع المتعلّمين، وتدنّي مستوى تحصيلهم ..

فما أكثر ما نسمع من المعلّمين أو المتعلّمين أو عامّة أفراد الأمّة التباكي على طرائق التعليم القديمة وأساليبها، دون تقويم موضوعيّ للحسنات والسيئات، ووضع كلّ شيء في موقعه الصحيح .. ونحن نعلم أن طرائق التعليم القديمة كانت تحتوي على كثير من السلبيّات، وأن كثيراً من تلك الطرائق لا تستند إلى أصل شرعيّ، أو حجّة مكينة، وإنما جعل لها موضع الصدارة بين الناس العرف والعادة، وطبيعة الناس الغالبة التي من شأنها دائماً أن تتباكى على الماضي، وتتناسى سلبياته، وتتبرّم من الواقع، وتنسب إليه النقائص ..

ـ وإن أهم ما نراه ونقترحه في هذه المناسبة:

أ ـ أن يوضع نظام داخليّ للمدارس، يضبط علاقات المعلّمين والمتعلّمين، وعلاقات أولياء الأمور بالمعلّمين، وعلاقاتهم بالإدارة المدرسيّة، وينصّ فيه على العقوبات الرادعة لمن ينتهك حرمة المعلّمين أو المتعلّمين، أو النظام المدرسيّ، ويقوم على تنفيذ هذا النظام مجلس مختصّ، ليكون للتعليم حرمته في نفوس الطلاب، وفي نفوس عامّة الناس ..

إذ إنّه ليس من المعقول أن تكفّ يد المعلّمين والإدارة المدرسيّة عن تأديب الطالب بالعقوبات الرادعة، مهما انتهك من حرمات المعلّمين أو النظام المدرسيّ .. !

ب ـ أن تضاف مادّة دراسيّة باسم: " السلوك والآداب "، أو تسمّى: " الآداب الشرعيّة "، تشمل جميع المراحل الدراسيّة، ويسند تدريسها إلى نخبة من المدرسين التربويّين، القدوة الأكفاء .. وتعتمد مناهجها على ذكر حوادث السيرة النبويّة العطرة، وحياة الصحابة ?، وسير سلف هذه الأمّة الصالح وأخبارهم في كلّ مجال من مجالات الحياة ..

فما أكثر الشكوى من فساد تربية المتعلّمين، وتدهور أخلاقهم، وتدنّي مستواهم الأخلاقيّ، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى التخلّف الدراسيّ، ثمّ الإخفاق عدّة مرّات وترك الدراسة .. !

وما أكثر الأمثلة والنماذج التي يعرفها المعلّمون من ذلك .. ويذكرونها والمرارة والأسى يعتصر قلوبهم .. ممّا يؤكّد على ضرورة اتّخاذ مثل هذه الخطوة .. إن لم تكن حبّاً بالتربية والأخلاق، والقيم الإسلاميّة التي هي سرّ سعادة العبد في الدنيا والآخرة .. فلتكن حرصاً على مستقبل الأبناء، وإشفاقاً من مثل هذا المصير الذي لا يرتضيه أيّ ولي أمر عاقل لولده ..

ج ـ وحرصاً على العطاء النوعيّ المتميّز للمعلّم، فلابدّ من تحديد نصاب للمدرّس لا يتجاوز على وجه العموم عشرين حصّة في الأسبوع، وينبغي أن يقلّ نصاب المعلّمين المتميّزين الموهوبين، ليتمكّنوا من إبراز مواهبهم وإبداعاتهم، كما ينبغي أن يقلّ نصاب أيّ معلّم كلّما ازدادت سنوات خدمته، ثمّ يفرّغ للشئون التربويّة، ولتدريب المعلّمين المستجدّين، ونقل خبراته التعليميّة لهم .. ولا يخفى أن شيئاً من هذا معمول به في بعض البلاد العربيّة والإسلاميّة على نسب متفاوتة ..

وبعد؛ فإذا كان العمل التعليميّ يقوم على ثلاثة أضلاع، هي: المعلّم والطالب والمنهج، فإنّه لن تقوم أضلاعه، ويرتفع مستواه، وتسمو مكانته ما لم يعتدل أمر الضلع الأول فيه، وهو المعلّم، وتؤدّى حقوقه، ويجبر انكساره ..

فكم تكلّفنا التضحية بحقوق المعلّم من تفريط بالمنهج، الذي نعتني بتطويره، ونهتمّ برفع مستواه ليواكب التطوّر العلميّ، الذي يتسارع في العالم من حولنا بصورة تعجز أبصارنا عن ملاحقته فضلاً عن بصائرنا وإمكاناتنا .. ‍‍‍‍!

وكم تؤدّي التضحية بحقوق المعلّم إلى التفريط بحقوق الطالب، الذي هو محور العمل التعليميّ وغايته وثمرته، وهو معقد آمال الأمّة وسرّ نهضتها وما يرتجى لها من سيادة .. ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

{إن أريدُ إلاّ الإصلاحَ ما استطعتُ، وما تَوفيقي إلاّ بِالله، عليهِ تَوكّلتُ وإليهِ أنِيبُ}، وآخر دعوانا: أن الحمد لله ربّ العالمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير