[" كائنة البقاعي وابن الفارض "، من المعارك التي قامت بين أهل السنة وأصحاب وحدة الوجود في القرن التاسع!!!]
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[27 - 06 - 10, 07:16 ص]ـ
الإمام البقاعي .. المفكر الثائر المجهول في عصر التقليد والخمول: خصومه تآمروا عليه .. وعبثوا بسيرته
كتبه: أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 2630 - 2009/ 4 / 28
مقدمة:
كان من الممكن أن يسير النصف الثاني من القرن التاسع الهجري في تثاقل ورتابة وجمود وسكون لولا أن ظهر الشيخ البقاعي وأحدث ما أسمته المصادر التاريخية " كائنة البقاعي وابن الفارض ".
وجدير بالبقاعي أن يحدث هذه الهزة في عصره، فلم يكن مجرد عالم مجتهد مفكر يسبح ضد التيار الصوفى السائد، وإنما كان إلى جانب ذلك يؤمن بما يقول ويعلنه بصراحة وقوة ويتحدى خصومه الأقوياء بالمجادلة بالحجة أو بالمبارزة بالسيف في حضور السلطان، مع أنه كان في ذلك الوقت شيخا طاعنا في السن. وحين عجزت مؤامرات خصومه عن النيل منه في حياته فإنهم حاولوا طمس الحقائق بعد وفاته، فلم يعرف الناس عن " كائنة البقاعي " إلا من خلال ما كتبه عنه خصومه، حتى كان لنا شرف اكتشاف الحقيقة ونشرها في رسالة علمية ومؤلفات لاحقة، تعتمد على اكتشافنا للمخطوط الأصلي الذي كتبه البقاعي بيده في التاريخ وسجل فيه ما حدث له. ومع أن خصوم البقاعي قد عبثوا بذلك المخطوط، بل وعبثوا بترجمة البقاعي في بعض الكتب الأخرى مثل تاريخ ابن الصيرفي " أنباء الهصر " مع ذلك فإن استنطاق الحقائق كان ممكنا لمن يفهم نبض الشارع المملوكي وخلفيته التاريخية.
عالم مجتهد ظلمه عصره:
1ـ والمؤرخ القاضى ابن الصيرفي كان أبرز ما يعبر عن المستوى العلمى و العقلى للقرن التاسع الهجرى، ويظهر ذلك خصوصا فى كتابه (الهصر).
وكان ابن الصيرفى معاصرا للبقاعى فى القاهرة المملوكية وكان أبرز من يعبر عن رأى العصر فى البقاعى، وقد شهد ابن الصيرفى (كائنة البقاعى)، وقد هاجم البقاعي في كتابه " أنباء الهصر " وأرخ لكائنة البقاعي من موقع التحامل على البقاعي، بل وكان من بين أولئك الذين تآمروا ضده كما نلمح بين سطور تاريخه، ومع ذلك فإنه حين مات البقاعي كتب ترجمة للبقاعى في " أبناء الهصر " وذكر بعض الحقائق عن فضل البقاعي وعبقريته إلا أنه سرعان ما كان يعود للهجوم عليه.
يقول ابن الصيرفي فى تاريخه (إنباء الهصر بأبناء العصر) إن البقاعي لازم الشيخ ابن حجر وتعلم على يديه. أى أن البقاعى قد حاز إعجاب شيخه ابن حجر لأنه رقاه وهو طالب وجعله قارئا للبخاري في حضور السلطان جقمق.
ويقول ابن الصيرفي إن ابن حجر كان يثني على قراءته وفصاحته ويعترف ابن الصيرفي بأن خصمه البقاعي يستحق ذلك ولكنه يسارع فينفي ذلك، يقول " وكان يثني على قراءته وفصاحته وهو كذلك مع الدين والخير إلا أنه كان سيء الأخلاق جدا .. نعوذ بالله " .. كيف يكون فيه دين وخير ويكون سيء الأخلاق جدا في نفس الوقت؟!
ويذكر ابن الصيرفي مؤلفات البقاعي بالإجمال وبعض التفاصيل، يقول " وصنف وكتب وضبط أسماء الرجال وخرج الحديث العالي والنازل " أي كان بارزا في علم الحديث والجرح والتعديل.
2 ـ إلا أن أعظم ما كتب البقاعي هو كتاب " مناسبات القرآن " وفيه ينشئ البقاعي علما جديدا يتحدث عن المناسبة بين الآية القرآنية وما قبلها وبعدها، والمناسبة بين السورة وما قبلها وما بعدها وهو علم يعتمد على فهم كامل للنسق القرآني وتدبر عميق للآيات وسور القرآن الكريم، هذا في الوقت الذي انصرف جهد العلماء المجتهدين قبله إلى تفسير القرآن نحويا ولغويا وإيراد الأقاويل ونقل الروايات حتى المتعارض منها ..
وقد اجتهد البقاعي في هذا الباب الجديد من العلم (علم المناسبة) وهو علم عقلى بحت فى فهم القرآن، سبق فيه البقاعى عصره، فى وقت ساد فيه التقليد و انحدر فيه المستوى العلمى الى مجرد اجترار ما قاله السابقون دون عقل او فهم.
كتب البقاعى في (علم المناسبة) مؤلفه العبقري " نظم الدرر " في ستة مجلدات لا تزال مخطوطة حتى الآن فيما نعلم.
¥