تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 ـ حاول البقاعى الاتصال بالداودار الكبير يشبك ابن مهدى أو حتى بالداودار الثاني تنبك قرا فلم يستطع، كان له صديق ذو صلة بالداودار الكبير وقد عده بأن يصله بالداودار الكبير، ولكنه خاف من تهديد الطلبة بالجامع الأزهر وقد كانوا متأثرين بالتصوف وتقديس أوليائه، وقد هددوا بإحراق بيته فرجع عن تأييد البقاعي، وحاول البقاعي أن يجتمع بالداودار الكبير بنفسه فلم يستطع، ومع ذلك فقد جاءته أخبار سارة بأن بعض العلماء اجتمعوا بالداودار الكبير وأخبروه بالحق، ولكن ظل كاتب السر ابن مزهر الأنصاري يضغط على أتباعه من المشايخ لإصدار الفتاوي التى تؤيد الصوفية وأتباع ابن الفارض مما سبب في اشتعال الموقف ضد البقاعي، يقول البقاعي فى تاريخه المخطوط: (ثم سألت بعض أصحابي ليذهب معى إلى الداودار الكبير لأريه بعض ما أعلمه من كفر تائيتهم الصريحة ـ يقصد قصيدة التائية لابن الفارض ـ لأن ذلك الصاحب كانت له وصلة فمنعه أصحابه أن يذهب معى وقالوا أن أهل جامع الأزهر هددونا بأنهم يحرقون بيتنا يقصد الداودار الكبير بلا واسطة فلم يقدر الاجتماع به، وجدته مغلقاً عليه بابه وعند بعض الأمراء، وكان قصدي له بعد أن بلغني أن بعض من يسره الله للخير قد اجتمع به وأخبره أنما نحن فيه هو الحق وحدثه بأقوال أهل الوحدة ـ أى مذهب وحدة الوجود كابن عربي وابن الفارض الذين لا يرون فارقاً بين الخالق والمخلوق ـ فقاله له لعلهم مثل النسيميةـ وهم طائفة صوفية ملحدة منحلة خلقياًـ فقال نعم: فقالـ أى الداودار الكبير ـ أن النسيمية يتكلمون بأشياء صعبة وكذا قال ذلك الرجل. فشد بذلك قلوبنا بعض الشد، وقصدت الداودار الثاني تنبك قرا فلم يقدر به اجتماع فرجعت إلى بيتى وأنا في غاية الكسرة، وكان ذلك يوم الجمعة ثاني عشر من ذى الحجة من هذا العام 874، وكان الأمر يتزايد كل يوم بل كل لحظة بما يظهره كاتب السر من الفتاوي في القلعة ويقرره من الكلام في ذلك فصار البلد كله شعلة نار، القلعة وما دونها،).

2 ـ ثم تأتى أوراق أخرى في مخطوطة البقاعي تتحدث عن حربهم النفسية ضده ومخاوفه ثم محاولات بعض أصدقائه إثناءه عن أرائه وتهديده وإغرائه، ويرسم البقاعي صورة صادقة لما اعتمل فى نفسه من مشاعر انتهت إلى تمسكه بالحق مهما حدث له فنراه يطلب منهم واحداً من ثلاثة أما المجادلة وأما المباهلة وإما المقاتلة، ولا زال بأولئك الذين أوتوا للتأثير عليه إلى أن تأثروا هم به وأصبحوا من مؤيديه .. يقول البقاعى: (صاحوا وأجلبوا وأظهروا أنهم أظفروا بى، فيرسل لى كاتب السر من يخيفني وأنا في غضون ذلك أسأل الله أن ينزل على السكينة ويلزمنى كلمة التقوى فألقى الله سبحانه في قلبي من الثبات ما لا يحصر، فآخر ذلك أنه ـ أى كاتب السر ـ أرسل إلى الناصري محمد بن جمال الدين الشهابي أحمد بن السخاوي .. وهما من أصدقائى فقالا كلاماً كثيراً منه: إنا رأينا ما لم تر وسمعنا ما لم تسمع والأمر عظيم ونحن نشير عليك أن ترجع عما أنت فيه وقد فعلت أكثر مما يجب عليك، والقاضى أى كاتب السر يريد أن ينصحك ويقول أن الناس كلهم عليك، السلطان فمن دونه، وأصحابك كلهم صاروا عليك، فقلت: أنى والله قد وضعت بين عينى القتل بالسيف والضرب إلى أن أموت منه فرايته أهون عندي من أن يُجهر بالكفر في بلد أنا فيه ويقال أن الصلاة حجاب والصوم حجاب والقرآن باطل أو شرك (وهذه شطحات الصوفية من أصحاب وحدة لوجود) ويُراد خلع الشريعة لمحمدية ويظهر دين الكفر على دين محمد صلى الله عليه وسلم، فإما أن يعيننى الذين يريدون سكوتى بمال أقدر به على الانتقال من هذا البلد فإنه والله لو كان معى مال أتجهز به هاجرت منها، وإما أن يختاروا منى واحدة من ثلاث بحضره السلطان والقضاة الأربعة وساير العلماء، وهى: المجادلة ثم المباهلة ثم المقاتلة، فيعطينى السلطان سيفاً وترساً ويعطي أشبهم ـ أى أكثر شباباً ـ سيفاً وترساً ويخلى بيننا قدامه في حوش القلعة وينظر ما يكون منى على شيخوختى فإن قتلت كنت شهيداً وإن قتلت خصمى عجلت من أٌقتله في النار، والأمر كما قال الله تعالى: قل هل تربصون بنا إلا إحدي الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، ثم قلت لهم أنى أطلب منكما أن تسمعا لى في هذا المذهب الخبيث، فقالا: أنه يؤولون ما في التائية ـ أى قصيدة ابن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير