تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السُّلوك ولا الأذكار ولا الأخلاق إلا أتتْ به، متمثِّلاً في هدي محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وسلوكه وخلقه وسيرته، وحياته وأحواله، أسوة حسنة، ومثال يحتذى، بَشَر مثلنا، لا ملَك فيعجزنا اتِّباعه، ولا جِنيّ فيَخفَى عنَّا حاله؛ ? لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ? [الأحزاب: 21].

لكن، وألف لكن:

ذاك رسول الله، ونحن بشر ضِعاف، لا نقدر على ما يقدر عليه، ولا بُدَّ لنا ممَّن يدلُّنا على الله، ويشفع لنا عنده، ويسلك بنا طريقًا في التربية والسلوك.

بمثل هذا الكلام أتاحوا لأنفسهم أن يشرعوا السنن والأوراد والأدعية، ويُلزِموا بها الأتباع، ويلقِّنوها الأجيال، ويوهموهم أنها تقرِّبهم إلى الله، وإنما هي تُبعِدهم عنه، فهو لا يقبَل غير طريق حبيبه المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - وغيرَ أسلوبه في العبادة، ولا يدخل إلى حضرته إلا مَن أقبل من بابه، ولو جاءَه من ألف باب، إلا أن يلج من باب حبيبه وخليله، الذي أمَرَنا بالصلاة والسلام عليه، وعلَّمَنا كيف نفعل ذلك، فقال لنا رسولنا الحبيب: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد كما بارَكت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) وقال لنا غيرُه: قولوا: "اللهم صلِّ على محمد الفاتح لما أُغلِق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي صراطك المستقيم ... "، فأي الصلاتين نقول؟ وأي الهديَيْن نتبع؟ ? وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ? [الأنعام: 153].

إنَّ مبدأ دخول الجنَّة مرتبط بالطاعة، والطاعة مرتبطة بالتسليم، والتسليم مرتبط بسلامة الاتِّباع دون الابتِداع، ولو بحثنا في كلِّ الأوراد واستعرضنا كلَّ الطرق، لوجدنا سنَّة نبيِّنا خيرًا منها، وطريقتَه أحبَّ إلى ربنا، وأسلم عند خالقنا، وأرضى لرسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي يقول: ((والله، لو كان أخي موسى حيًّا، لما وسعه إلا اتِّباعي))، رضي الله عن موسى وعن نبيِّنا، وعن كلِّ مَن اكتَفَى بمنهجهم، واقتَفَى آثارهم، ووقف عندها، فالله في غنى عن عِبادةٍ لم يأمرك بها، وطاعة لم يطلبها منك، فالزَم الباب، بالإخلاص وبالصواب، لا بالعمَّة والجلباب؛ ? فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ? [الأعراف: 144]، ولا تتطلَّب التفنُّن والاستحسان، فما عند الله هو الحسن، وما عند غيره هو الضلال المُبِين؛ ? وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ? [النساء: 82].

ولو اكتفيت بما آتاك وكنت من الشاكرين، لأغنيت نفسَك عن اتِّباع الرجال، والتعلُّق بالأهداب، وتقبيل الأيادي، والتراقُص في المجامع، والتقافُز في المحافل، ودفْع الغالي والنَّفيس، وتسليم القِياد لهوى شيخ، ونزغة مُعَمَّم، ولو سألك الله يوم القيامة، فقل: يا رب، هذا نبيُّك وهذه سننه، لم أزد ولم أنقص، ولم أبتَدِع ولم أُغيِّر، فأنَّى تخيب وأنت متمسِّك بالوحيَيْن، عاضٌّ على الصحيحين، تَسِير بنورٍ من الله، وتخطو على بصيرةٍ من أمر الله، غير مُقتَحِم باب ضلالة، ولا ظلمات زاوية، ولا دروب طريقة، إلا طريقة رسول الله وصحبه المجتبَيْن، لا تسأل إلا عن سنَّته، ولا تجتَهِد إلا في اتِّباع هديه؟ فيالك من فائزٍ موفَّق، وحكيم محنَّك؛ ? وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ? [الأنعام: 153]، ? وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ? [الروم: 31 - 32].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير