تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- و شريعة الله جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ولا يوجد في شرع الله مصلحة راجحة إلا ويقابلها منع للمفسدة أو التقليل منها.

ولكن محبي الغناء ومجيزيه قد لبّسوا على الناس حيث خلطوا المحرم بالجائز المباح. فعملوا على جلب المفاسد وتقليل المصالح.

- المحرم في الشريعة قسمان: قسم حُرّم لما فيه من المفسدة بذاته وقسم حُرّم لأنه ذريعة ووسيلة إلى المفسدة.و مثال ما حرم لذاته كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والميتة، ونكاح المحارم قال تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب وأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) وقال: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير .. ) وقال: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم .. ) الآية. ومثال ما حرم لكونه ذريعة ووسيلة إلى مفسدة: سب آلة المشركين ومعبوداتهم نهى الله عنها لأن سبها سيؤدي إلى سب الله وسب دينه قال تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) فكل ما حرم لذاته أو حرم لكونه وسيلة للحرام هو معلل بعلة منصوصة وكل ما كانت علة النهي منصوصة صار ذلك الشيء محرما نصا.

- و يجب أن يعلم أن الجائز من الغناء لابد من أن يتوفر فيه ثلاثة شروط: 1) أن يكون بصوت مجرد دون آله. 2) وأن يكون لفظه ومعناه شريفا لا يثير شهوة وليس فيه فحش ولا تغزل بحرام. 3) وأن لا يكون عند أدائه و سماعه اختلاط بين الرجال والنساء. والمحرم من الغناء عكس ذلك تماما.

- وعلى هذا فإن الغناء محرم عند عامة السلف لأنه وسيلة إلى الحرام فتحريمه تحريم وسيلة. لأنه اجتمع فيه الآلة (الموسيقى) والكلام الفاحش والتغزل الحرام واختلاط الرجال بالنساء. وهذا المعنى هو الذي من أجل هذا قال المحرمون وجهله المجيزون.

- ومن نظر - من غير فقه- إلى المحرم بالوسيلة استشكل وجه التحريم فقال في نفسه أو لغيره- أي مفسدة في صوت مطرب بآلة أو استماع كلام موزون بصوت حسن فيحرم؟! وهل أصوات الطيور المطربة والنظر إلى المرأة الجميلة والوجه الحسن إلا كرؤية الأزهاير من الأشجار و الأنهار وكل ذلك خلق لله!!!؟ هذا ما قاله ويقوله المجيزون للغناء من أهل التصوف ومقلدوهم على مدار الزمان. ألا يعلم هؤلاء وأولئك أن تحريم النظر إلى الصور واستماع الصوت بالآلة المطربة إنما هو من تمام حكمة التشريع. (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ... ) ولو فرض أن عاقلا حرم أمرا فيه مفسدة وأباح الوسيلة المفضية إليه لعده الناس سفيها متناقضا في أقواله وأفعاله.

- ثم إن عامة علماء السلف الذين ذكرهم الشيخ عادل – ممن يجيزون الغناء في نظره ونظر من قلده فإن أولئك كانوا يسمعون الغناء المباح وليس المحرم كالحداء وقصائد الحكمة والزهد وما يسمونه زاد المسافر يقطعون به الطريق وأيضا لم يثبت عن واحد من العلماء المعتبرين أنه غنى بآلة أو استمع مغنيا يغني بالناس إلا ما جاءت إباحته في الشرع كالأعياد والأفراح والأعراس وأكثر من يباشر الغناء في هذه المناسبات هم النساء و الصبيان! وإن حضر العلماء هذه الأفراح أو أذنوا بها إنما هو للتشجيع لا غير.

و كل من نقل عنه من الصحابة أنه أجاز الغناء إنما كان يغني بالحداء وشعر الحكمة والزهد في الأفراح والأعياد والقدوم من السفر ونحوه ولم يصح النقل عن أحد من الصحابة إطلاقا أنه أجاز الغناء إلا ما قيل عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وهو من صغار الصحابة حيث توفي رسول الله وعمره عشر سنين فقط. وعلى فرض صحته عنه – فعبد الله بن جعفر رضي الله عنه ليس ممن يصلح أن يعارض قوله أو فعله- قولَ وفعلَ غيره من كبار الصحابة ممن هم افقه وأعلم منه كابن مسعود وابن عمر وابن عباس وجابر الخ ... قال ابن تيميه: (ومن أحتج بمثل فعل عبد الله بن جعفر في مثل هذا- لزمه أن يحتج بفعل معاوية في قتاله لعلي وبفعل الزبير في قتاله في الفرقة وأمثال ذلك. مما لا يصح لأهل العلم والدين أن يدخلوه في الدين والشرع ثم إن عبد الله بن جعفر كان يسمع غناء جاريته في داره ولم يكن يجتمع عنده الناس ولا يعد استماعه له دينا وطاعة بل هو عنده من الباطل. و عند الجمع بين النصوص يحمل الخاص على العام فيستفيد العام تخصيصا وتقييدا مما هو معلوم لدى الخاص

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير