تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

** إذاً أنت ترجع سبب هذه القضايا للآخر من الكافرين، وتبرز أن مَن تحرك في هذا المضمار أصر على أن يقدم النساء، وأن الصحافة والإعلام بل والتعليم الأجنبي كانت عوامل رئيسية في تفعيل تلك القضية أليس كذلك؟

نعم أخي الكريم. ولازالت هذه الأسباب تعمل إلى اليوم. لازال الآخر هو الذي يحرك القضية من خلال المؤتمرات والتوصيات التي تظهر لنا عدة مرات في العام الواحد في شكل مؤتمرات، ومن خلال الجوائز التي يعطيها للأبحاث العلمية المتعلقة بهذا الشأن. ومن خلال استنطاق الموافقين له، وقد رأينا دور الأزهر في قضية الحجاب حين ثارت في فرنسا من أعوام، حين أفتى شيخ الأزهر السابق سيد طنطاوي بصحة ما يفعله الفرنسيين.!! ولازال التحرك على صعيد مناهج التعليم مستمر، وعلك ترصد ما يتردد حول خطوة التعليم الأجنبي في البلاد الإسلامية، ولعلك ترصد ما يدار من جدل حول التعليم .. مناهجه وطبيعته (مختلط أو غير مختلط) من وقت لآخر. ودور الإعلام لا يخفى على أحد. ابتداءً من البرامج الحوارية التي تلمع مَن يتبنون هذه القضايا وتقدم رؤيتهم لعوام الناس، ومروراً بالأعمال الفنية التي تتعاطى قضايا المرأة في شكل فيلم سينمائي أو تلفزيوني (مسلسل) أو عمل مسرحي، أو غير ذلك من مخرجاتهم.

** تلاميذ مدارس التبشير من النصارى والمسلمين، والموافقين للغرب عموماً هم من تولوا قضايا المرأة .. هم السبب الظاهر في تغريب المرأة المسلمة في التجربة المصرية. تريد أن تقول هذا؟؟

منهم كانت البداية، وظل هؤلاء يمثلون الطرف المتطرف في القضية ككل، ولم يأت منهم التغريب حقيقة. التغريب جاء من فصيلٍ آخر كان يتبنى خطاباً شرعياً، أو هكذا بدا.

** كيف؟!

في ذات التوقيت خرج في الأمة الإسلامية قوم من المنتسبين للعلم الشرعي أو من المهتمين بالأمة يريدون لها (النهوض) و (التطور) و (الرقي). . يريدون لها أن تأخذ حضارة أوروبا وتقدمها التقني دون انحلالها الخلقي، ويبرز من هؤلاء خير الدين التونسي، ورفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الإيراني (المعروف بالأفغاني) ثم محمد عبده.

**وما العيب في أن نطلب التقدم والتطور والرقي الذي عليه غيرنا؟، ثم ما علاقته بقضية المرأة وكيف أصبح هؤلاء هم الفاعلون الحقيقيون في تغريب المجتمع الإسلامي؟

التقدم التقني والتطور والرقي في التصور الشرعي يأتي ثمرة للاستقامة على شرع الله {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}. ولاحظ الآية تقول بركات، ولم تقل رزق. ولك أن تتدبر الآن حين بعد الناس عن شرع الله ماذا يحصل. المال كثير كالجبال، ووسائل الرفاهية متوفرة في كل مكان، والفقر في كل مكان، والجوع في أكثر من مكان، والظلم لا يكاد يخلو منه مكان، ذهب بركة كل ما نحن فيه.

كان الخطأ أن هؤلاء نسوا أو تناسوا المهمة التي أخرجنا الله من أجلها، وهي عبادة الله وتعبيد الناس لله، والتي ثمرتها اللازمة هي الرخاء والنمو والرفاهية .. السعادة التي هي مطلب الجميع.

ظنَّ هؤلاء أن الأمة لن تخرج من حالة الضعف هذه حتى تأخذ ما عند الغرب من تقنية، وهذا واضح جداً في أطروحات خير الدين التونسي (له كتاب واحد اسمه أقوم المسالك في أحوال الأمم والممالك). ظن هؤلاء أننا نستطيع أن نأخذ من أوروبا التقدم التقني ونحافظ على الثوابت الإسلامية. وتفهم الغرب حالهم، ومد إليه يده واستفاد منهم، حتى أخرج من بينهم، أو من خلفهم، فصيلاً آخر معادٍ تماماً للشريعة الإسلامية وموالٍ تماماً للمشروع الغربي، هذا الذي تحدث بقضايا المرأة. ففراخ هؤلاء هم الذين تبنوا (قضايا المرأة) بدعوى التقدم والرقي، وفراخ هؤلاء هم الذين تبنوا قضايا الوطنية، وفراخ هؤلاء هم الذين قاموا بمعالجة المؤسسة الدينية حتى أضعفوها. وصاروا جسراً عبر عليه المحتل لثوابتنا ومنها ما يتعلق بقضية المرأة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير