تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ

ـ[محمد بن عمران]ــــــــ[06 - 07 - 10, 03:48 م]ـ

عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْر فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ وَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدّيْنُ إلاَ الْبَلاَءُ}.متفق عليه، وفي رواية {لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ}

((يَبكِي رِجَالٌ عَلَى الحَيَاةِ وَقَدْ ... اشْتَقْتُ يَا قَوْمِي إِلَى قُرْبِِ الأَجَلْ

مِن قَبلِ أَنْ تَعْرُضْ لِقَلْبِي فَتْنَةٌ ... فَتَصْرِفُهُ عَنْ طَاعَةِ المَوْلَى الأجَلْ))

وسَبَبُ هَذَا التَّمَنِّي مَا يُرَى مِنْ الْبَلَاءِ وَالْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ وَالْفِتَنِ فَيَرَى الْمَوْتَ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ أَهْوَنَ مِمَّا هُوَ فِيهِ فَيَتَمَنَّى الْمُصِيبَةَ الْهَيِّنَةَ فِي اعْتِقَادِهِ، أو أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ مَا يَرَى مِنْ تَغْيِيرِ الشَّرِيعَةِ وَتَبْدِيلِ الدِّينِ فَيَتَمَنَّى الْمَوْتَ لِسَلَامَةِ دِينِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الِاحْتِمَالَيْنِ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ.

قال ابن بطال: تغبط أهل القبور وتمنى الموت عند ظهور الفتن انما هو خوف ذهاب الدين بغلبة الباطل وأهله وظهور المعاصي والمنكر.

قال الحافظ العراقي: تَمَنِّي الْمَوْتِ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ فَلَا نِزَاعَ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي عَبْسٍ الْغِفَارِيِّ صَحَابِيٌّ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ خَلَائِقُ مِنْ السَّلَفِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ.

عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي على الناس زمان؛ يأتي الرجل القبر، فيضطجع عليه، فيقول: يا ليتني مكان صاحبه! ما به حب لقاء الله، ولكن لما يرى من شدة البلاء". اللهم إنا نشهدك أنا نحبك، ونحب من يحبك يارب.

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "ليأتين عليكم زمان يتمنى الرجل فيه الموت من غير فقر".

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه قال: "يأتي على الناس زمان يتمنى الرجل ذو الشرف والمال والولد الموت؛ مما يرى من البلاء من ولاتهم".

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "ليأتين على الناس زمان الموت فيه أحب إلى أحدهم من الغسل بالماء البارد في اليوم القائظ، ثم لا يموت".

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ قال: "عدت أبا هريرة، فسندته إلى صدري، ثم قلت: اللهم اشف أبا هريرة! فقال: اللهم لا ترجعها. ثم قال: إن استطعت يا أبا سلمة أن تموت؛ فمت. فقلت: يا أبا هريرة! إنا لنحب الحياة. فقال: والذي نفس أبي هريرة بيده؛ ليأتين على العلماء زمان الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر، ليأتين أحدكم قبر أخيه، فيقول: ليتني مكانه".

((ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه

ألا موت لذيذ الطعم يأتي ... يخلصني من العيش الكريه

إذا أبصرتُ قبراً من بعيدٍ ... وددتُ لو أنني مما يليه

ألا رحم المهيمن نفس حرٍ ... تصدّق بالوفاةِ على أخيه))

وقد كثرت والله الفتن وتتابعت؛ تموج يرقق بعضها بعضا، والله يخشي المرء علي دينه عند مجيء كل فتنة، يخاف أن تكون هي التي تكون سبب هلكته وضياعه.

فتري تغييب تحكيم الشريعة، وتري الخارجين، وتري الربا، والزنا، واللواط، والسحاق، والإختلاط، والغناء، والكاسيات العاريات، بل وتري المعاملات ممن يتوسم فيهم المرء خيرًا، تراها كأنك تعامل يهوديّ قد أحلّ الله عليه غضبه، وأنزل به سخطه.

وتري ما كان يقول فيه الإمام مالك: إنما يفعله عندنا الفساق. تري له رجال اليوم يدافعون عنه وبإسم الدين، بل ويتهمون القائلين بالتحريم -وفقًا لمذهب السلف- بالتشدد والتعصب، وكذلك الإنكار في تحريم البدع والإختلاط والنظر ... وغير ذلك. مما كان قد استقر بالفطرة في قلوب وأذهان المسلمين.

فعلا يكاد المرء إذا أخرج يده ألا يراها من (ظلمات بعضها فوق بعض)

اللهم أحينا ما علمت الحياة خيرًا لنا، وتوفنا ما علمت الوفاة خيرًا لنا، وإذا أردت فتنة قوم فاقبضنا إليك غير مفتونين، ولا مبدلين، ولا مغيرين، يارب العالمين.

ـ[سمير علي]ــــــــ[06 - 07 - 10, 05:46 م]ـ

اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي

أخي محمد , جزاك الله خيراً ونفع بك.

ـ[محمد بن عمران]ــــــــ[06 - 07 - 10, 05:47 م]ـ

نفع الله بى وبك.

آمين.

ـ[محمد بن عمران]ــــــــ[06 - 07 - 10, 10:33 م]ـ

ونعوذ بالله أن يكون ذلك قنوطًا، أو يأسًا من رحمة الله رب العالمين.

لكن الفتن أشتدت فعلاً علي المرء منا في أمور دينه وآخرته ودنياه.

نسأل الله السلامة والعافية.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير