تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فوق سبع سموات وأن أزمتها ومقاليدها وأولها وآخرها كله إليه-سبحانه- عندها يطمئن قلبك وينشرح صدرك فإذا بالعسر وإذا بالهم والغم يرجع فرحاً وسروراً على ولي الله المؤمن فتجده في الشدة والنكبة يتبسم ثقةً بالله-جل جلالة- ويقيناً بالله-سبحانه وتعالى-، إن ضاقت الدنيا على أهل الطاعة وأهل الإسلام فإنهم يعلمون أن في هذا البلاء علو الدرجات وغفران الخطيئات وعظيم الحسنات فتبتهج قلوبهم بالله-جل جلالة- فلا تنكسر له شوكة ولا يضعف لهم يقين بالله-سبحانه وتعالى- كما كان أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يرى الواحد منهم الموت أمام عينيه فيقول واثقاً بربه متوكلاً عليه: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب، 22]، فالدنيا عسر ويسر ومن بعد الدجى نور:

أَلاَ إِنَّ الدَّهَرَ يُسرُ بَعدَ عُسْرٍ وَمِنْ بَعدِ الدُّجَى صُبْحٌ وَنُورَ

فَلَولاَ الدُّاءُ لمَ يُحْمَدْ شِفَاءٌ وَلَولاَ الهَمُّ مَا حُمِدَ السُّرُورُ

فعلى العبد أن يكون واثقاً بالله-جل جلالة-، والله يحب من أوليائه أنه إذا نزلت بهم الضراء أو حلت بهم الشدة وأحاط بهم البلاء ألا يهنوا ولا يضعفوا: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران، 46] لمن هذا الكون لمن ليله ونهاره لمن صبحه وعشيه وإبكاره والله على كل شيء قدير فالله لا يعجزه شيء ويسلم العبد الأمر كله لله، وأما دين الله وكلمة الله فماضية وبالغة ما بلغ الليل والنهار يشاء من يشاء ويمتنع من يمتنع فكلمة الله ماضية: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة، 21]: {كَتَبَ} التعبير بالكتب ثم قال: {كَتَبَ اللَّهُ} الاسم الظاهر: {لأَغْلِبَنَّ} اللام والتعبير الغلبة ونون التوكيد ونسبة ذلك إليه: {لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} وكل من سار على هذا المنهج فأطاع الله وأطاع رسوله فإن الله تكفل له بالغلبة، ليست الغلبة بالقوة وليست الغلبة بالنصر الظاهر الغلبة بنصر القلوب وصدق الالتجاء إلى الله -جل جلالة- فلا تنكسر شكيمة لولي الله المؤمن مهما كان لأن الله ابتلى أهل الخير بأهل الشر، وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو في المدينة والأمر إليه بعد الله ومع ذلك ابتلاه الله بالمنافقين وأوذي-عليه الصلاة والسلام-حتى في عرضه فلابد من هذا البلاء ليعلم صدق الصادقين ونفاق المنافقين فعلى المؤمن دائماً أن يلتجأ إلى الله-سبحانه وتعالى-، وأن يثق بالله-سبحانه وتعالى- وألا يجعل من البلايا ولو انصبت عليه أو على أهله وولده أن يجعلها سبباً في ضعفه، والله إنها عزة للإسلام ولو تكالب أهل الشر على أهل الإسلام في ظلمة ليل أو ضياء نهار ما خرج الإسلام وأهله من ذلك إلا أعزة لا أذلة أبداً تجد أمة ضعيفة في عددٍ وعدة تقف أمام مئات الألوف بالأيام العديدة ومع ذلك تكون القوة والغلبة لأعداء الله لا يستطيعون أن يحركوا ساكناً .. الله أكبر فترى الذلة والخور والخوف والضعف والشتات فلا يغلبون إلا بعد عناء شديد لا يغلبون إلا بعد أن يغلبوا ويقهروا فتذل أنفسهم ويرون الصغار حتى لو أنها لو وزنت بالموازين الدنيوية المادية تحار العقول هذا النصر هذا هو العزة والظفر، ليست القضية قضية أن الإنسان تكون له أرض أو مال أو بلد لا النصر أن ترى أمة ضعيفة في العدد والعدة وترى أمة قوية تكون لها الصولة والجولة ومع ذلك تجلس بالأيام تكابد وتعاني لا تستطيع أن تتقدم أمام أولياء الله أمام أسد الشرى الذين يشترون الموت ويطلبون الشهادة فالعبد منهم يفرح، حتى إنه يستبشر بيومه ويقول أسألك اللهم الشهادة في سبيلك فإذا غابت عليه الشمس قال اللهم اغفر لي ذنباً أخرني عن جنتك فتجد قلبه في الآخرة وقالبه في الدنيا هذا هو النصر نصر المبادئ ونصر القيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير