تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزاد في تثبيت المذهب في الأندلس تلميذ زياد، يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي الذي حظي بالقرب من الخليفة عبد الرحمن بن الحكم بن هشام. جاء في ترتيب المدارك: ((ولم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة، وعظم القدر، وجلالة الذكر، ما أعطيه يحيى بن يحيى. وكان الأمير عبد الرحمن بن الحكم يبجله تبجيل الأب، ولا يرجع عن قوله، ويستشيره في جميع أمره، وفيمن يوليه ويعزله؛ فلذلك كثر القضاة في مدته)).

وبعد أن تحمل يحيى موطأ مالك وأصبحت روايته من أشهر روايات الموطأ - وهي مما انفرد بروايتها المغاربة-. توجه إلى مصر بعد وفاة مالك، حيث التقى بابن القاسم، وابن وهب، شيخي المدرسة المصرية والمدنية، وتلقى منهما الشيء الكثير، وجمع بين آرائهما دون تعصب لأحد منهما، حتى كان يقول: ((اتباع ابن القاسم في رأيه رشد، واتباع ابن وهب في أثره هدى)).

ثم حمل لواء المذهب في الأندلس بعده محمد العتبي (ت254هـ)، حيث سمع من سحنون، ويحيى بن يحيى، ثم دون مستخرجته التي جمع فيها أقوال مالك وأصحابه، فاعتنى بها أهل الأندلس، وعكفوا عليها، واعتمدوها، وهجروا ما سواها، وبوَّبوها تبويب المدونة. ثم أفضى الأمر بعده إلى تلميذه ابن لبابة (ت314هـ)، الذي أخذ عن العتبي وغيره، وقد دارت عليه الأحكام، وتدريس الرأي أكثر من ستين سنة. ولم تزل هذه المدرسة يذيع صيتها، ويطير ذكرها في الأندلس، بالفضل بن سلمة (ت319هـ)، وأبي بكر بن زرب (ت381هـ)، ومن بعدهما أبو عمر ابن المكوي (ت401هـ)، وابن الفخار (ت419هـ)، إلى أن ابتلى الله قرطبة بفتنة البربر، تلك الفتنة التي مات بسببها الكثير من العلماء، وفر بسببها كثير آخرون استوطن أغلبهم فاساً، وبذلك ضعفت المدرسة في الأندلس، حتى قيض الله الإمام أبا الوليد الباجي (ت474هـ) وأبا محمد الأصيلي (ت392هـ)، فأحيا بهما ما اندرس من العلوم الفقهية.

ثم خلفهما سند بن عنان (ت541هـ) تلميذ الباجي وصاحب الكتاب المشهور بالطراز، ثم خلفتهم في هذه المدرسة كوكبة من العلماء اتجهت إلى جمع المذهب فروعاً وقواعد، ومن أشهرهم: الإمام ابن الحاجب (ت646هـ)، والإمام القرافي (ت684هـ)، والإمام خليل بن إسحاق (ت767هـ) صاحب المختصر الفقهي، واتجه هؤلاء إلى الاعتماد على آراء معينة في الفقه واعتمادها هي المذهب، مما حدا بالبعض الآخر كابن عرفة (ت803هـ) إلى عدِّ ذلك قتلاً للفقه، فجمع الآراء المهجورة والمتروكة منذ القرن السادس، وحث على الأخذ منها، والترجيح بينها عن طريق النقد والتحقيق.

وقد زاد من هذا النهج الإمام الشاطبي أبو إسحاق (ت790هـ)، ورأى انكباب الناس على المختصرات دون غيرها مما يضعف الإفادة في المسائل النازلة، وشمر عن ساعديه في الرجوع إلى حقيقة الدين وقواعده الكلية القطعية، فكانت حصيلة هذا المنهج كتاب الموافقات ذلك السفر العظيم، ولا يبعد هذا النهج كثيراً عن نهج أولئك الأجلاء أمثال: ابن عبد البر (ت463هـ)، وابن العربي (ت543هـ)، وابن رشد الحفيد (ت595هـ) مع اختلاف الأزمان

ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[12 - 07 - 10, 01:07 ص]ـ

للرفع والتذكير

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير