تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثامنة: قولك في الإيمان بالقدر إنه الإيمان بأن لا يكون صغير ولا كبير إلا بمشية الله وإرادته، وأن يفعل المأمورات ويترك المنهيات وهذا غلط لأن الله سبحانه له الخلق والأمر والمشيئة والإرادة وله الشرع والدين. إذا ثبت هذا ففعل المأمورات وترك المنهيات هو الإيمان بالأمر وهو الإيمان بالشرع والدين، ولا يذكر في حد الإيمان بالقدر.

التاسعة: قولك الآيات التي قي الاحتجاج بالقدر كقوله تعالى (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء) الآية ثم قلت: فإياك والاقتداء بالمشركين في الاحتجاج على الله وحسبك من القدر الإيمان به. فالذي ذكرنا في تفسير هذه الآيات غير المعنى الذي أردت فراجعه وتأمله بقلبك فإن اتضح لك وإلا فراجعني فيه لأنه كلام طويل.

العاشرة: وأخرناها لشدة الحاجة إليها قولك: إن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقروا بتوحيد الربوبية، ثم أوردت الأدلة الواضحة على ذلك، وإنما قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند توحيد الألوهية، ولم يدخل الرجل في الإسلام بتوحيد الربوبية إلا إذا انضم إليه توحيد الألوهية فهذا كلام من أحسن الكلام وأبينه تفصيلا، ولكن العام لما وجهنا إليه إبراهيم كتبوا له علماء سدير مكاتبة وبعثها لنا وهى عندنا الآن ولم يذكروا فيها إلا توحيد الربوبية، فإذا كنت تعرف هذا فلأي شيء ما أخبرت إبراهيم ونصحته. إن هؤلاء ما عرفوا التوحيد، وإنهم منكرون دين الإسلام، وكذلك أحمد بن يحيى راعي رغبه عداوته لتوحيد الألوهية والاستهزاء بأهل العارض لما عرفوه، وإن كان يقربه أحياناً عداوة ظاهرة لا يمكن أنها لا تبلغك، وكذلك ابن إسماعيل إنه نقض ما أبرمت في التوحيد وتعرف أن عنده الكتاب الذي صنفه رجل من أهل البصرة كله من أوله إلى آخره في إنكار توحيد الألوهية وأتاكم به ولد محمد بن سليمان راعي وثيثيه وقرأه عندكم وجادل به جماعتنا، وهذا الكتاب مشهور عند المويس وأتباعه مثل ابن سحيم وابن عبيد يحتجون به علينا ويدعون الناس إليه، ويقولون هذا كلام العلماء. فإذا كنت تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قاتل الناس إلا عند توحيد الألوهية، وتعلم أن هؤلاء قاموا وقعدوا ودخلوا وخرجوا وجاهدوا ليلا ونهاراً في صد الناس عن التوحيد يقرءون عليهم مصنفات أهل الشرك لأي شيء لم تظهر عداوتهم وأنهم كفار مرتدون؟ فإن كان باين لك أن أحداً من العلماء لا يكفر من أنكر التوحيد أو أنه يشك في كفره فاذكره لنا وأفدنا، وإن كنت تزعم أن هؤلاء فرحوا بهذا الدين وأحبوه ودعوا الناس إليه، ولما أتاهم تصنيف أهل البصرة في إنكار التوحيد كفروه وكفروا من عمل به، وكذلك لما أتاهم كتاب ابن عفالق الذي أرسله المويس لابن إسماعيل وقدم به عليكم العام وقرأه على جماعتكم يزعم فيه أن التوحيد دين ابن تيمية وأنه لما أفتى به كفره العلماء وقامت عليه القيامة.

إن كنت تقول ما جرى من هذا شيء فهذا مكابرة، وإن كنت تعرف أن هذا هو الكفر الصراح والردة الواضحة، ولكن تقول أخشى الناس فالله أحق أن تخشاه. ولا تظن أن كلامي هذا معاتبة وكلام عليك، فوالله الذي لا إله إلا هو إنه نصيحة لأن كثيراً ممن واجهناه وقرأ علينا يتعلم هذا ويعرفه بلسانه.

فإذا وقعت المسألة لم يعرفها بل إذا قال له بعض المشركين نحن نعرف أن رسول الله لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً وأن النافع الضار هو الله يقول جزاك الله خيراً. ويظن أن هذا هو التوحيد ونحن نعلمه أكثر من سنة أن هذا هو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون. فالله الله في التفطن لهذه المسألة فإنها الفارقة بين الكفر والإسلام، ولو أن رجلا قال: شروط الصلاة تسعة ثم سردها كلها فإذا رأى رجلا يصلي عرياناً بلا حاجة أو على غير وضوء أو لغير القبلة لم يدر أن صلاته فاسدة لم يكن قد عرف الشروط ولو سردها بلسانه، ولو قال الأركان أربعة عشر ثم سردها كلها ثم رأى من لا يقرأ الفاتحة ومن لا يركع ومن لا يجلس للتشهد ولم يفطن أن صلاته باطلة لم يكن قد عرف الأركان ولو سردها فالله الله في التفطن لهذه المسألة، ولكن أشير عليك بعزيمة أنك تواصلنا ونتذاكر معك، وكذلك أيضاً من جهة البدع قيل لي إنك تقول فيها شيء ما يقوله الذي هو عارف مسألة البدع، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير