إذا ظهر منه ما يستوجب الحد مثلاً قال في شعره فلانه زنت لابد من أن يأتي بأربعة شهداء وإلا يجلد، أو كذلك ما يتعلق بهذا، أما من حيث أن الشعراء قد يُبالغون في الكلام ويقول بعضهم أعذبه أكذبه وقد تسمعهم يقولون بكينا على أولئك بحاراً على موت فلان أو كذا ربما لو اجتمع منهم مائة يبكون سواء ويصبون دموعهم على علبة صلصة ما أمتلئت علبة الصلصة لكن مبالغة الشعراء يُغض الطرف فيما يتعلق بهذا، حذاري حذاري من رمي الناس بالباطل أو من الكذب أو من المجازفة وملازمة العدل في القول مأمور في ذلك في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والشعر من القول على الله يقول: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} ويقول: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} لا بد في ملازمة العدل في القول وفي سائر الأعمال ومن ذلك الشعر.
السؤال العشرون: ما صحة حديث: ((الشعر بمنزلة الكلام، حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام)) علماً بأن الألباني رحمه الله في < الصحيحة > حكم عليه بالصحة بينما قال البيهقي في < السنن الكبرى > وصله جماعة والصحيح عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرسل فما الصواب في ذلك؟
الجواب: حكم المتقدمين على الأحاديث إذا حكم عليه إمام بالإرسال معناه أنه اطلع على علة فيه، فإذا حكم عليه البيهقي بالإرسال , البيهقي حافظ من الحفاظ بلا شك فبقي أن ظاهر السند مجرد ما يُرى في ظاهر السند يُعاد إلى العلة الخفية، الإرسال قد يكون من العلل الخفية فقول الحُفاظ مقدم، ويُحتاج إلى نظر أيضاً هل حكم على طريق واحدة بالإرسال، إذا كان من طريق واحدة فما حكم عليه الشيخ الألباني رحمه الله من طريق أخرى فالقول قول الشيخ الألباني رحمة الله عليه، وإذا كان حكم على أصل الحديث أنه مرسل فإن هذا من باب العلل التي اطلع عليها المتقدمون وقولهم مقدم لحفظهم ولمكانتهم في ذلك.
السؤال الحادي والعشرون: أخرج الإمام أحمد في < مسنده > من حديث الأعشى أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يشكو زوجته ويقول:
يا مالك الناس وديان العرب ……أني لقيت ذربة من الذرب
وهن شر غالبٍ لمن غلب
فما صحة هذه القصة؟
الجواب: القصة في ترجمة الأعشى وقد مرت بينا في < ضعيف المفاريد > ليس له هذه القصة الضعيفة فيما مر:
يا مالك الناس وديان العرب ……أني لقيت ذربة من الذرب
غدوت أبغيها الطعام في رجب …فخلفتني بنزاع وهرب
اخلفت العهد ولطت بالذنب ……وهن شر غالب لمن غلب
فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يردد: ((وهن شر غالبٍ لمن غلب))، فيها مجولان أحدهما صدقة بن طيلسة فيكفي في ضعفيها هذا.
السائل: وفي ختام هذه الأسئلة نرجو منكم وفقكم الله نصيحة في الذين يطعنون في إخواننا الشعراء المدافعين عن هذه الدعوة المباركة فيستهجلون ما يقومون به من جهودٍ فاعلة بدعوى أنهم شغلوا أنفسهم بالشعر أو أن ليس لهم زادٌ من العلم إلا الشعر، ومن ذلك من قد يقال عن هذه الأسئلة أنها أخذت وقتاً كان غيرها أولى منها، فنرجو نصيحةً لأمثال هؤلاء؟
الشيخ: لا أبداً. بل إن أهل السنة يعرفون ويشجعون من له قدرات خيرية، فيشجعون من له قدرة على الشعر أن يقول الشعر في الحق وأن لا يُشغل عن ذكر الله عن ما سبق بيانه، ويشجعون من له قدرة على أي فن من الفنون العلمية الشرعية على ما هو عليه من الخير، إذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينصب الكرسي لحسان رضي الله عنه ويقول: ((روح القدس مع حسان ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجب عني يا حسان)) الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما كان يقول الشعر {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ}، فما كان يقول الشعر فهو ربما جاءت قصيدة من بعض المشركين يحتاج إلى أن يُجيب عنها الشعراء، كان يُجيب عنها مثل حسان بن ثابت وابن رواحة وكعب بن مالك وأمثال هؤلاء الشعراء وهؤلاء هم من أشهرهم في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا أعلم أحداً يقول: إن إخواننا الشعراء قد ضيعوا أوقاتهم
¥