تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - تخريج بعض الأتباع عليها مسائل أخرى، فتُبْنى مسائل على أصلٍ شاذٍّ.

سادسًا: المنهج تجاه القول الشاذ:

منهج أهل السنة والجماعة والراسخين في العلم تجاه القول الشاذ يتلخَّص فيما يلي:

أ - القول الشاذ للعالِم لا يجوز اتِّباعه ولا تقليده فيه، وإنما يُسأل لقائله المغفرة والعفو.

ب - على إخوانه من أهل العلم مُناصحته، وبيان القول الصحيح الموافق للدليل الشرعي؛ ليتوبَ القائل إن كان حيًّا من قوله الشاذ، وليترك العمل به.

وهذا كله داخل في النصيحة الواردة في حديث تميم الداري مرفوعًا: ((الدين النَّصيحة) قلنا: لِمَنْ؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولأئمة المؤمنين وعامتهم)) [13]، قال ابن رجب معلقًا على هذا الحديث: ومِمَّا يختص به العلماء ردّ الأهواء المضِلَّة بالكتاب والسنة على مُورِدِها، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلاَّت العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردِّها" [14].

ج - الإعراض عن زلاَّت العلماء وسقطاتهم حتى تموت بِمَوْتهم، ومِن أفضل الخلْق مَن تموت مثالبُه بمَوْته.

ومن الإعراض عن الأقوال الشاذة:

عدم ذكرها ونشرها والاستدلال لها والمنافحة عنها، ولم يزلْ أهلُ العلم في كل عصر يردُّون شذوذات الأقوال، ولئن نقلوها في كُتُبِهم فمِن باب ما يسمَّى اليوم: الأمانة العلمية، في حصر جميع ما ورد في المسألة، وإن كان الأَوْلى إهمال القول الشاذ، وعدم ذكره ليموت مع الأيام.

ولأهل السُّنَّة طريقة محمودة في التعامُل مع الأقوال الشاذة، حسب ضررها على المجتمع المسلم، فهناك من الأقوال الشاذة ما يُكتفَى فيه بالنُّصح والتذكير بالله، وهناك ما يستدعي الرد والإبطال وتأصيل الحكم الشرعي، وهناك ما يستدعي المنْع مِنَ الفتوى بها، والمرْجِع في ذلك كلِّه مُراعاة طبيعة المسألة، ومقدار ضررها وحجْمها في الشريعة.

د - تحفظ للعالِم مكانته ومنزلته العلمية، ولا يكون قولُه الشاذ مدْعاةً للنَّيل مِنْ عِرْضه أو انتقاصه أو الاستهزاء به، والحطّ مِنْ قدْره.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: "نعوذ بالله سبحانه مما يُفضي إلى الوقيعة في أعراض الأئمة، أو انتقاص أحد منهم، أو عدم المعرفة بمقاديرهم وفضْلهم، أو محادتهم وترْك محبَّتهم ومُوالاتهم، ونرجو من الله سبحانه أن نكونَ ممن يحبهم ويواليهم، ويعرف مِن حقوقهم وفضْلِهم ما لا يعرفه أكثرُ الأتْباع، وأن يكونَ نصيبُنا من ذلك أوْفر نصيب وأعظم حظ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" [15].

هـ - لا تلازُم عند أهْلِ السنة بين الخطأ والإثم، فقد يكون القول خطأً يُنْكَر على صاحبه، ولا يكون آثمًا، بل مأجورًا على اجتهاده، مغفورًا خطؤُه في حسناته.

قال ابن تيميَّة - رحمه الله -: "فأمَّا الصِّدِّيقون والشُّهداء والصالحون فليسوا معصومين، وهذا في الذنوب المحققة، وأمَّا ما اجتهدوا فيه فتارة يصيبون، وتارة يخطئُون، فإذا اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران، وإذا اجتهدوا وأخطؤوا فلهم أجر على اجتهادهم، وخطؤُهم مغفور لهم، وأهل الضلال يجعلون الخطأ والإثم متلازِمَيْن، فتارة يغلون فيهم يقولون: إنهم معصومون، وتارة يجفون عنهم ويقولون: إنهم باغون بالخطأ، وأهل العلم والإيمان لا يُعصمون ولا يُؤَثَّمون" [16].

و - لا يجوز اتِّهامه، ولو وافق أقوال المبتدعة، فليس كل قول وافَق أقوال المبتدعة أو أهل الأهواء - كالعلمانيين - يكون صاحبه مبتدِعًا أو علمانيًّا.

قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: "ولو أنَّا كلَّما أخطأ إمامٌ في اجتهادِه في آحاد المسائل خطأً مغفورًا له، قُمنا عليه وبدَّعناه، وهجرناه، لما سلم معنا ابن نصير، ولا ابن مندهْ، ولا مَن هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلْق إلى الحق، هو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة" [17].

ز - أهل السنة هم أعدل الناس مع المخالفين، فما بالك بإخوانهم وعلمائهم؟! فذلك مِن باب أوْلَى، ومِن العدل ألا يؤثر شذوذه في هذا القول على اتِّباعه في القول الموافِق للحق، والعدل في هذا الباب عزيز إلا على الأتقياء.

سابعًا: حكم تتبُّع زلاَّت العلماء بالتقْليد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير