تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الهادي إلى سواء السبيل.

المقصد الشرعي من ممارسة الرياضة البدنية

ممارسة الرياضة أمر مطلوب لا طائل في فتح باب الأخذ والرد فيه، فصحة الجسم وتقويته من الأمور التي رغب الشرع فيها لا سيما وهي وسيلة معينة لأداء العبادات خاصة البدنية منها على الوجه الأكمل والحظ الأوفر، ولهذا كانت العُدَّة البدنية من المطالب الأساسية في جهاد أعداء الله تعالى، ولهذا اشترط كثير من الفقهاء أن يكون المجاهد مكلفا صحيحا، حتى يخرجوا من ذلك الصغير والعاجز كالأعمى والأعرج ونحوهما، وقد كانت بعض الأحكام الشرعية متعلقة بهذا المقصد من تقوية البدن والتمرن على الجهاد، فعَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: " (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) (الأنفال: 60) أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ." (3)

قال النووي في شرح مسلم (13/ 64): "فيه .. فضيلة الرمي والمناضلة والاعتناء بذلك بنية الجهاد فى سبيل الله تعالى وكذلك المشاجعة وسائر أنواع استعمال السلاح وكذا المسابقة بالخيل وغيرها كما سبق فى بابه والمراد بهذا كله التمرن على القتال والتدرب والتحذُّق فيه ورياضة الأعضاء بذلك."

ولهذا ثبت في الحديث من طريق نَافِعِ بْنِ أَبِى نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لاَ سَبْقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ." (4) قال البغوي في شرح السنة (10/ 393):" والسبق بفتح الباء هو المال المشروط للسابق على سبقه، وبسكون الباء هو مصدر سبقته سبقاً، والمراد من النصل السهم، ومن الخف الإبل، ومن الحافر الفرس، وأراد في ذي خف أو حافر، وخف البعير: مجمع فرسنه.

وفيه إباحة أخذ المال على المناضلة لمن نضل، وعلى المسابقة على الخيل والإبل لمن سبق، وإليه ذهب جماعة من أهل العلم أباحوا أخذ المال على المناضلة والمسابقة، لأنها عدة لقتال العدو، وفي بدل الجعل عليها ترغيب في الجهاد." انتهى.

فالمقصد الشرعي من الرياضة البدنية هي تقوية البدن لتسخير ذلك في طاعة الله تعالى ومن ذلك الجهاد في سبيل الله تعالى لما فيه من تحمل واصطبار وربط الجأش ورد البأس، ولقد بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الله أن الإيمان مع القوة أفضل من فقدانها وفي كلٍّ خيرٌ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ." (5)

ولكن الرياضة مع مشروعيتها لزم فيها مراعاة الآداب الشرعية في نفسها وفي مقاصدها، وإلا صارت ممنوعة، فالتشبه بالكفار في أدائها وتقليدهم والتحلي بحللهم والتزين بزيهم من الأمور المخالفة المعروفة، كيف إن جرت فوق ذلك كله مفاسد قلبية من ظهور الشحناء والبغضاء أو السب و الشتم و ما شاكل ذلك مما لا يخفى أمره على كل أحد، حتى تعقد ألوية الولاء والبراء للكرة لا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكيف إن تعدت إلى أكثر من ذلك، فضُيِّعت الأوقات والأموال فيها، وتركت الواجبات أو تُسوهل فيها لأجلها، وهذا هو الواقع الذي نعيشه مع هذه اللعبة والله المستعان.

الاستقامة وكرة القدم

إن من أكبر المنن وأجمعها لمن عقلها وعرف قدرها، منة الاستقامة على طاعة الله تعالى والتزام أمره ونهيه، فهي الحياة السعيدة التي يبحث عنها الكثير، ولكن الكثير ظنها في اللهو واللعب، أو في جمع المال وتتبع الشهوات، وكلٌّ مهما طالت به المدة في غَيِّه وغفلته لن يدرك حقيقة السعادة وانشراح الصدر وطمأنينة النفس إلا بالاستقامة على أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ، نُزُلاً مِّنْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير