تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

غَفُورٍ رَّحِيمٍ) (فصلت: 30 - 31 - 32)، والنعم لا تدرك ولا يعرف قدرها إلا بعد فواتها، فيندم المُنعَمُ بها سابقا عليها أشد الندم، ويلح على ربه فيها، فإن صدق مع الله تعالى وأناب وَفَاءَ فإن الله غفور رحيم، وإن اختار سبيل الغواية والضلال، وقدم الفسق على طاعة الرحمن فإن الله تعالى (يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ) (الرعد: 27).

فينبغي للمستقيم على طاعة الله تعالى أن يحافظ على هذه النعمة مما يزيلها أو يشينها، فيبتعد عما فيه ضررٌ، ولا يقحم نفسه في ما لا طائل له من ورائه لا من قريب ولا من بعيد، فإن إيمان المسلم يعتريه من الشهوات والشبهات ما تخدشه على أقل أحواله، فإن كان على بصيرة من أمره، مطيعٌ لربه، مجتبٌ لمعصيته أعانه الله تعالى ووفقه للخير، وإن كان خلاف ذلك خُشي عليه من الافتتان والهوى، فإما أنك تراه في سلك شبهة قد تقلد مقالة أهل الزيغ والضلال، وإما أنك تراه في سكر شهوةٍ يتبعها أينما كانت، فتعمي بصيرته وتقسي قلبه، لأن صاحب الهوى لا يرى إلا الهوى، وإن كان غالب المؤمنين تجتمع في قلوبهم إرادة الطاعة وإرادة المعصية إلا أن الحكم للغالب، فاجتماع الدين والشهوة لا ريب في وقوعه، ولكن النصر للغالب (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69).

فعيبٌ على المستقيم أن تنحط أخلاقه إلى مثل ما يفعله بعضهم كفعل العوام الهوام، ولقد صدق من وصفهم بقوله:" قومٌ لبسوا ثياب الاستقامة وتزينوا بزيها، ولكنهم لم يرعوا لها

حرمتها، واسأل أيام الكؤوس والبطولات؛ تنبئك عن أصحاب القمص والسبلات" (6)

وبعد انتهاء المباراة ما الذي تجنيه .... ؟

ها قد انتهت المباراة، وربح أو خسر الفريق الذي أيدته، ما الذي تجنيه أنت من وراء ذلك؟ هل ازددت إيمانا أو تعلمت مسألة، أو على الأقل انتفعت بشيء يعود عليك في دنياك؟ حصلت مالا، صنعت شيئا .... ؟

صحيحٌ أن صاحب الهوى يكره سماع ما يخالف مشربه وما هو عليه من الغفلة، أو على الأقل يستثقل الأمر ولا يهوِّل من شأنه ويراه أمرا طبيعيا، بل لعله ينقم عليك فعلتك بالنصح والنصيحة، ويسوغ ما هو عليه بأنه لم فعل منكرا ولا ارتكب جرما، وإنما شاهد وناظر، ترويحا للنفس وتفسحا، وكأنما أنت المخطئ في الإنكار .... ؟

الحسرة والندم

رأينا من بكى ومن عوى ومن بالحزن اكتوى بل من مات من غير أن يرى ما هوى، فلله كم القلوب ضعيفة، وكم النفوس تروح رخيصة، شعبٌ بأكمله خرج يهتف ويصرخ وكأنما فتحت غزة أو قام للعزة أبناؤها، ما شبع أكثرهم الخبز ولا الحليب، ولكن لماذا هذا الفرح وهم في عيشة فقر وقرح؟

لعل الجواب بلا إطناب هي إرادة الترويح عن النفس، لإخراج ما تكابده من ألم العيش والهموم، وما هي عليه من الألم والغموم، ولكن هل السعادة في الطيش والصراخ، والعويل والمراح، والتعري والسفور، والفسق والفجور، وهل الوطنية في الكرة فقط؟؟

بل العجيب أن ترى من أهل الاستقامة من يجاري هؤلاء، بل لعله يفعل ما لا يفعلونه، وهو فرحٌ فخورٌ بأبنائه بزي الوطنية، وثياب الفرقة المرضية؟

و اللهِ ما الوَرَى إلى في تقهقر إلى الوراء، واللهِ لهي حسرة ما بعدها حسرة والله المستعان.

بقلم

الفقير إلى عفو ربه الباري

أبو رقية آل شطارة الجزائري

غرة رجب 1431هـ

بالمدينة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام


(1) وهذه لما تأهل منتخب الجزائر إلى كأس العالم لعام 2010م.
(2) وانظر كتاب (حقيقة كرة القدم) دراسةٌ شرعية من خلال فقه الواقع تأليف ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي في مجلد فإنه مفيد.
(3) أخرجه مسلم (4984) وأحمد (17568) وأبو داود (2514) وابن ماجة (2813).
(4) أخرجه أحمد (10142) وأبو داود (2574) والتِّرمِذي (1700) والنَّسائي (3585) و (3586) وفي "الكبرى" (4410) و (4411) وانظر إرواء الغليل (5/ 333) وصحيح أبي داود (2319) للشيخ الألباني.
(5) مسلم (2664).
(6) مقالة بعنوان (الأنصار بالأمس والأنصار اليوم) بقلم سليم مجوبي صفحة (92) مجلة الإصلاح السنة الثانية العدد العاشر: رجب /شعبان 1429 الجزائر.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير