تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

غير إشراك ولا ابتداع، وهذا هو العلم النافع الذي يثمر العمل الصالح، ولا يكون صالحا إلا إذا كان خالصا لله تعالى صوابا على وفق هدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف هذا إلا بالعلم.

ـ قصد الموت بالمدينة لنيل شفاعته عليه الصلاة والسلام الخاصة بأهل المدينة ممن يموت فيها من أمته، وهذا الأمر باق ما بقي الملويان.

فبهذا كله يعلم أن النصوص المرغبة في الحرمين أو أحدهما وتخويف الظالمين بها والمحدِثين فيها، باقية إلى قيام الساعة، وأن سنة السلف رضوان الله تعالى عليهم أجمعين كانت الهجرة إلى الحرمين ومجاورتهما لطلب العلم والتعبد ونيل الثواب والبركة من الله تعالى.

مفهوم المصلحة المرسلة في اللغة والشرع

هذا المبحث متعلق بجزئية من جزئيات أدلة الأحكام التبعية التي مردها إلى الكتاب والسنة من حيث إثبات الحكم، فإن المصلحة المرسلة كما سيأتي هي عبارة عن اجتهادات واستنباطات العلماء في المجالات المحددة والمكملة للدين جراء تعذر وجود الدليل الجزئي في اعتبارها أو إلغائها في المسألة، ولمزيد بيان فلنتعرف على معنى المصلحة المرسلة من الناحية اللغوية:

لغة: المصلحة المرسلة جملة مركبة من كلمتين (المصلحة) والثانية (المرسلة) فمن حيث الإفراد فمعنى (مصلحة) من صلح يصلَح ويصلُح صَلاحا وصُلوحا، والصلاح ضد الفساد والمصلحة واحدة المصالح وهي الصلاح ومنها المصلحة ضد المفسدة. (33)

وقال ابن فارس:" (صلح) الصاد واللام والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِلاف الفَساد." (24)

ومنهم نفهم أن المصلحة مشتقة من الصلح وأصل الكلمة إرادة الخير ودفع الفساد.

أما كلمة (المرسلة) فمعناها لغة: من أرسل يرسل إرسالا، ومعناها أطلق يطلق إطلاقا، يقال أرسل سهمه أي أطلقه، والمرسلة جمعها مرسلات وهو مؤنث مرسل.

وقال ابن فارس:" الراء والسين واللام أصلٌ واحدٌ مطّردٌ مُنْقاس، يدلُّ على الانبعاث

والامتداد" (35)

فيفهم أن كلمة (مرسلة) معناها الإطلاق والانبعاث من غير تقييد.

فباجتماع الكلمتين على التركيب تصبح المصلحة المرسلة هي:

- الخير المطلق.

- جلب الخير المطلق ودفع المفسدة المطلقة.

_ إرادة الخير مطلقا.

_ دفع الشر مطلقا.

خلاصة: المصلحة المرسلة هي إرادة الخير المطلق الذي لم يقيد بشيء من الأدلة الجزئية.

أما من حيث الاصطلاح فتعريفها متعلق بالمعنى اللغوي فهي:

جلب منفعة أو دفع ضُر من غير أن يشهد دليل جزئي عليها.

وبصيغة أخرى هي (الَّتي سكتَ عنْهَا الشَّرعُ فلمْ يتعرَّض لها باعتبارٍ ولا إلغاءٍ، وليسَ لها نظيرٌ وردَ بهِ النَّصُّ لتُقاس عليهِ) (36).

وللأصوليين والفقهاء تسمية أخرى للمصلح المرسلة منها: الاستِصلاح، والاستدلال، واستحسانُ الضَّروةِ، وقياسُ المناسبة.

فمن خلال التعريف يمكن أن نلخص معنى المصلحة المرسلة في النقاط التالية:

- تهدف المصلحة المرسلة إلى جلب النفع ودفع الضرر عن المسلمين.

_ المصلحة المرسلة ليس لها دليل جزئي وإنما هي عائدة إلى مقاصد الشريعة.

_ المصلحة المرسلة تكون على حسب ظروف الناس وما ينزل بهم من المستجدات.

_المصلحة المرسلة دليل اجتهادي تبعيٌّ، لأن العالم ينظر في المسألة ويجتهد حتى يلحق هذا الفرع بما هو أصل تحت ظل مراعاة المقاصد الشرعية.

وبهذا كله يتبين أن الناظر في أمور الناس مما يستجد في حياتهم العملية، يسعى من خلال إلحاق هذه المستجدات بأصول الشريعة المحكمة مع مراعاة مقاصدها في جلب المنافع ودفع الضرر، ولهذا كان النفع والضرر راجعا إلى حصافة الناظر في المسائل، فإما أن يكون النفع متحققا أو غالبا، وإما أن تكون المضرة خالصة أو راجحة، وأما ما يختص مسألتنا هذه فلا يمكن إلحاقها ضمن القواعد الاستصلاحية وهذا لعدة أمور:

الأمر الأول: كون النصوص الشرعية دالة على بقاء حكم المجاورة والترغيب فيها، ولا اجتهاد مع نص، ومدلول النص غير إلزامي كما في مسألتنا، ولكنه يختلف بحسب ظروف المجاور، فتضييق مجال النص باعتبار دخوله تحت المصلحة المرسلة تعطيل لأصله، وإلحاق هذه الجزئية بأصول الدين توسيع مخل، كإلحاق مسألة المجاورة بالحاكمية والحكم عليها بالفساد بناء على المخالفة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير