[المعاصي جروح قد تؤدي لمقتل]
ـ[ابو اسحاق الاطرشي]ــــــــ[20 - 07 - 10, 06:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الناس محمد الذي بعثه الله رحمة للعالمين مخرجا إياهم مِن الظلمات إلى النور داعيا إلى كل خير مانعا لكل الشرور أعطى هو والصحابة مِن دمائهم فإنتعشت عقيدتهم في الأجواء وكانوا كمَثل الذي بذل أغلى ما يملك مِن الدم والنفس والأموال مقابل رضى الله العزيز المتعال اللهم لكَ الحمد ملئ السماوات وملئ الأراضين وملئ ما بينهما حمدا طيبا كثيرا فيه وبعد ,
إن الله نهانا عن إتيان المعاصي بل والتقرب للعاصي فالمعاصي كالجراح ورب جرح وقع في مقتل! فللمعاصي تأثيرٌ في النفوس وتغطي بالسواد القلوب كما ورد ذلك مِن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله في صحيح مسلم: " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا. فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء. وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء. حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا. فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض. والآخر أسود مربادا، كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. إلا ما أشرب من هواه " فيصير البصير أعمى وينقلب السعيد شقيا , فمَن يعلم على أي شاكلة يموت؟ فهذا يموت وهو ساجد وذاك يموت وهو شارب .. هل يستويان عِند الله؟ وهذا يموت بحادث وهو في سيارته للصلاة وذاك يموت وهو في سيارته للمعصية .. هل يستويان عِند الله؟
المعاصي جروح وإن لم تتداوى الجروح بسرعة أدت إلى مقتل وسوء ختام وكما قال الرسول عليه وآله الصلاة والسلام في الصحيح: " إنما الأعمال بالخواتم " ولا نعرف ما يُختم للإنسان مِن الأعمال , فكم مِن ناسك مات سكران وكم مِن قاتل مات تائبا مقبلا! والرسول عليه وآله الصلاة والسلام في صحيح البخارى: " فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها " ولكن الله أعطى الإنسان مِن الإرادة الذاتية ليختار أيذنب أم لا؟ أيؤمن أم يكفر؟ أيطيع أم يعصي؟ لأن الله لا يُجبر العباد على الأفعال ثم يُحاسبهم عليها! حاشاه فهو العادل ليس أعدل مِنه شيء سبحانه
ولذا فالمستهين بالمعصية يحسبها ثوان وهي إمتحان رسب فيه! فها نحن ندرس كل الفصل حتى إذا جاء إمتحان ساعة أو ساعتين سقطنا .. فهل ستفيدنا دراستنا أم سنعيدها بالكلية؟! وهذا ما يحصل مع المرء الذي يمضي عمره منحازا عن الذنوب منحازا للأعمال الصالحة الخيرة حتى إذا جاءت لحظة الإمتحان كان مِن الراسبين - نسأل الله الثبات - وأوهمه الشيطان أنها ثواني معدودات أو دقائق معدودات أو ساعات معدودات!! فيجعله ذلك يقترف الحرام ينسى أن الله وصف نفسه بالقرآن بشدة العذاب!
فاته أن الله الذي يدعوه للتوبة والإيمان يراه عاصيا؟
فاته أن الله رب الأرض والسماء يسمعه مكابرا؟
فاته أن الله خالق البصر بصير؟
فاته أن الله خالق السمع سميع؟
فاته أن الله خلقه وهو يعرف سره ونجواه؟
فاته أن القلوب بين إصبعين مِن أصابع الرحمن يُقلبها كيف يشاء؟
مِن أعظم ما كتب إبن القيم رحمه الله حين قال: " مَن أمن الفتنة فتنه الله " فعلى المرء أن يقطع المعاصي ويشق طريق الطاعة والسمع لله عز وجل وأن لا يضع نفسه في مواضع يُمكن أن تزل قدمه فيكون مِن الخاسرين ومِن أجمل ما قرأت مِن القِصص أن فرقة مِن اللصوص نهبوا شابا وبدؤوا يأكلون مِن طعامه إلا رئيسهم فإستغرب الشاب وسأله: " لمَ لا تأكل؟ " فقال له زعيم اللصوص: " إن اليوم إثنين وإني صائم " فقال الشاب بإستعجاب: " أتصوم وأنت لص؟ " فقال زعيم اللصوص: " إني أترك بيني وبين الله بابا لعلي أدخله "!!! وهذه القصة الجميلة المُعبرة تُفحم الجاهلين الذين يذنبون بمجرد أنه يذنبون! نعم أولئك الذين سرقوا لأنهم زنوا وتركوا الصلاة لأنهم سرقوا وتلفظوا بأبشع الألفاظ لأنهم ما غضوا البصر , فهذا الهراء موجود اليوم , أنا أعمل الكبائر فما فائدة ترك الصغائر؟ يا أخي أترك بينك وبين الله بابا تدخله! ولا تقنط مِن رحمة الله فكثرة الذنوب تهوي بالمرء في نار جهنم وتجلب غضب الرب سبحانه وتعالى
يقول الرسول عليه وآله الصلاة والسلام فيما صح عنه: " إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه " , فمحقر الذنب ومحقر آخر وغيره وغيره يجر إلى الكبيرة , ومَن داوم الصغيرة إستهان بالكبيرة ومَن قطع الصغائر لا يقفز إلى الكبائر وإعلم أن الله يراك
فالدعاة إلى الله كما قالها أبو عبيدة رامي عنابسة حفظه الله يدعون إلى غض البصر وعدم الزنا وعدم إتخاذ الربا والسرقة وغيرها وما تغير شيء لأن أصل دعوتهم خاطئ , فإن مشكلتنا هي في فهم العقيدة الإسلامية , فلو علم العبد وتيقن أن له ربا يراه لإستحى مِن الله كما يستحي مِن عباد الله! فإستشعار عظمة الله والحياء مِنه مِن العقيدة الصافية التي نقصت مِن قدر المسلمين لأن الدعاة يُقاتلون أعراض ضعف العقيدة ولا يصححونها ولذا فهي أخطاء متكررة - وربي صدق وكلامه هو الكلام الحق!
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله
وكتبه ,
ابو اسحاق الاطرشي
25 رجب 1431 هـ
7/ 7/2010 م