الفرق بين حُسن الظَّن والغُرور
ـ[حاتم الحاجري]ــــــــ[21 - 07 - 10, 08:35 ص]ـ
حُسن الظن إن حَمَل على العمل وحث عليه وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غُرور.
وحُسن الظن هو الرجاء، فمَن كان رجاؤُه هادياً إلى الطاعة وزاجراً له عن المعصية؛ فهو رجاءٌ صحيح، ومَن كانت بطالته رجاء، ورجاؤُه بَطالةً وتفريطاً؛ فهو الغرور.
ولو أن رجلاً كانت له أرضٌ يؤمِّل أن يعود عليه مِن مُغِلِّها ما ينفعه، فأهملها ولم يبذرها ولم يحرثها، وحَسَّن ظَنَّه بأنه يأتي مِن مُغِّلِها ما يأتي مِن غير حَرْثٍ وبَذْرٍ وسقيٍ وتعاهدِ الأرض، لَعَدَّهُ الناس مِن أسفه السفهاء.
وكذلك لو حَسُنَ ظَنُّهُ وقَوِيَ رجاؤُه بأن يجيئه ولدٌ مِن غَيْرِ جِماع، أو يصير أعلم أهلِ زمانه مِن غير طَلَبٍ للعِلْم وحِرْصٍ تام عليه، وأمثال ذلك.
فكذلك مَن حَسُنَ ظنه وقويَ رجاؤه في الفوز بالدرجات العُلا والنعيم المقيم، مِن غير طاعةٍ ولا تقربٍ إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وبالله التوفيق.
وقد قال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ? [سورة البقرة – الآية 218]؛ فتأمل كيف جعل رجاءَهُم إتيانهم بهذه الطاعات؟!
وقال المُغْتَرُّون: إنَّ المُفَرِّطين المُضَيِّعين لحقوق الله المُعَطِّلين لأوامره، الباغين على عِبادِه، المُتجرئين على محارِمِه، أولئك يرجون رحمة الله.
وسر المسألة: أنَّ الرجاء وحُسن الظنِّ إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حِكمةُ الله في شَرْعِه وقَدَرِه، وثوابِه وكرامتِه، فيأتي العبد بها ثم يُحْسِن ظنَّه بربه، ويرجو أن لا يَكِلهُ إليها، وأن يجعلها مُوصِلةً لما ينفعه، ويَصْرِف عنه ما يُعارضُها ويُبْطِل أثرها.
كَتَبَه: الإمام ابن القَيِّم الجَوْزِيَّة، المُتَوفَّى سنة 751 هـ
مِن كتاب: الدَّاء والدَّوَاء
ـ[أم مُهاب]ــــــــ[21 - 07 - 10, 11:16 ص]ـ
نقل مبارك , جزاكم الله خيراً
لو أننا تدبرنا قليلاً هذه الآية لعرفنا أن حسن الظن بالله ورجاءه لا يعني القعود {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} , الآية بها أمر بالعمل الصالح والذي هو واسع المعنى لحقه نهي عن محظور عظيم.