وكررت عليه وهو يقول: لا. فرجعت تبتهل إلى الله سبحانه وتعالى وتقول: فعل الله بك يا مؤيد وفعل، تريد المؤيد بن القاسم، لأنه كان شديداً في نحو هذا. وابن سعد الدين المذكور من تلامذته ووزيره، فيالها من رحم قطعوها، وضيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أزلفوها، وما أحسن ما قيل في الغلو: ما جاوز حده جانس ضده، وإنما خصصنا المثال بهذه المسألة، لأنها حديثة السن ربما لم يسمع بها أهل المذاهب , أو غالبهم، وكانت ولادتها فيما أظن وقت أحمد بن سليمان , وأيام المنصور، واستحكمت قوتها في زمن صلاح بن علي، ووقع بسببها ما وقع، وأما الهادي وغيره , فما نقلوا عنهم إلا نقيض ذلك.
ومما فرعوا عليها من الافتراء أن عمر رضي الله عنه اغتصب أم كلثوم بنت علي، وتهدده، حتى تلافى ذلك العباس وعقد له. وقال بعضهم: لم يدخل بها عمر. قالوا ذلك لما رأوا فعل علي يهد بدعتهم هذه، وكان يلزمهم أن الزنا بالإكراه، وصان الله أمير المؤمنين وبني هاشم والمهاجرين والأنصار وسائر المسلمين أجمعين.
لقد بلغوا من حطه وحطهم إلى حد لم يبلغ إليه أرذال العرب , وأذلهم وأقلهم، وهذا من أعظم مطالب إبليس، فدس لهم هذا السم في حلوى تلك الأهواء.
وكفى بالمذهب شناعة أن يشهدوا على أئمتهم بأنهم فعلوا هذا المنكر العظيم في زعمهم: علي والحسن والحسين وجميع أهل البيت، كما ذلك في السير جميعاً في كتب هؤلاء الغالين فضلاً عن غيرهم، ولم يسمع بخلاف إلا من المذكورين ونوادر بعدهم.
وليت شعري كيف يتصور دعوى الإجماع إن لم يكن في هذه المسألة التي أطبقت أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على العمل بها من غير نكير , وكان ينبغي أن يحرموا ذات الدين المتين لمن ليس يدانيها من المسلمين، فإن هذا في العرف العام شنيع، فهلا اقتضى التحريم فإن الله تعالى يقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات:13. فهل يترك هذا الفضل الذي ترى، وتعتبر الأنساب التي لم يعتبرها الله ورسوله، بل نزلت الآية لردها، فكأنهم أجابوها بهذه المقالة. حتى نشوان الحميري في بعض رسائله مناظرة بين بعض الزيدية أحمد بن سليمان , أو بعض شيعته في هذه المسألة , وأن الشريف: لعلك متزوج بشريفة. فقال: قد فعلت. قال: ممن؟ قال: من الذين قال الله فيهم: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) البينة: 7فهل فوق هذا؟.
ومرادنا من هذا إنكار المنكر، لا منازعة الدولة في عملهم، فإنما هذا مسلك من تلك المسالك، وما أردنا إلا ضرب المثل، ولا قيد للباطل , ولا نهاية له، ولا ينجي منه إلا الوقوف على الحدود الشرعية، ولو أنصفوا لما اختلفوا. والله المستعان.
وقد بلغ غلو بني إسرائيل في رفعهم لنفوسهم إلى أنهم حصروا النبوة عليهم، فأدركوا كل الشقاء: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) النساء 171. اهـ كلامه رحمه الله.
وهذه المسألة قريبة العهد كما يقول المقبلي رحمه الله تعالى، ولم تكن عند أهل بيت النبوة، ففي المحبر (ص437): وتزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمر بن الخطاب، ثم خلف عليها عون بن جعفر بن أبي طالب، ثم محمد بن جعفر، وتزوجت أم الحسن بنت علي بن أبي طالب جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي، ثم خلف عليها جعفر بن عقيل بن أبي طالب، ثم عبد الله بن الزبير بن العوام.
وتزوجت أم القاسم بنت الحسن بن علي بن أبي طالب مروان بن أبان بن عثمان ابن عفان، ثم خلف عليها علي بن الحسين ثم الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب.
وتزوجت سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب – عبد الله - بن الحسن ابن علي، وكان أبا عذرها، فمات عنها، فخلف عليها مصعب بن الزبير، فولدت له فاطمة ماتت وهي صغيرة، فقتل عنها، فخطبها عبد الملك بن مروان فأبته، فتزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام بن خويلد، ثم الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان فلم يصل إليها، فارقها قبل ذلك، ثم زيد بن عمر بن عثمان، ثم إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فلم يدخل بها، وخيرت فاختارت نفسها.
¥