"غناء المعازف"
وما كاد الناس يخرجون من دوامة مفتي الاختلاط وفلي الرأس والإرداف، حتى أثار مفتي حلِّ السحر بالسحر دوامة رضاع الكبير.
وما أن هدأت فتواه حتى خرج للناس قارئ القرآن بتحليل الغناء صوت الشيطان!
وصدق رسول الله r: «... وسيصيب آخر هذه الأمة بلاء وفتن يرقق بعضها بعضا» أخرجه الإمام أحمد وهو صحيح.
إن الله U يقول:?وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ?.
والمراد بلهو الحديث: هو الغناء وهو تفسير الصحابة كابن عباس وابن مسعود وابن عمر t، وأقسم ابن مسعود t بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات بأن لهو الحديث هو الغناء.
وعن أبي مالكٍ الأشعري t قال r: « لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ» رواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم، وصححه علماء الحديث.
أكثر من خمسين عالما لم ينصوا على التحريم فحسب بل حكوا الإجماع على تحريم الغناء.
قال ابن حجر الهيتمي:"ومن حكى خلافاً في الغناء فإنه قد وهم وغلط، وغلب عليه هواه، وأصمه الله وأعماه".
ويقول الإمام ابن رجب: "وأما استماع آلات الملاهي المطربة، فمحرم مجمع على تحريمه، ولا يُعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذَلِكَ، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى".
سبحان الله العظيم! في الوقت الذي نشهد توبة عدد من المغنيين والمغنيات إلى الله تنطلق فتوى إباحة الغناء كله.
[بالأمس كنت إمام أطهر بقعة ... شهرا أمام البيت ذي الأركان]
[واليوم أنت مع المعازف مفتيا ... بجوازها يا خيبة الإخوان]
[هل ضقت ذرعا من إمامة مالك ... وإمامة الفذ الفتى النعماني]
[والشافعي الألمعي محمد ... أو رأس أهل السنة الشيباني]
[أو من يسير على طريقة أحمد ... فانقاد وفق مراده بأمان]
[هل ضقت ذرعا بالأئمة كلهم ... ورحمت كل مزمر فنان]
[حب الكتاب وحب الحان الغنا ... في قلب عبد ليس يجتمعان]
المفتون الجهلة (7)
"الحذر والتحذير"
أين تكمن مشكلة المفتين الجهلة؟
تكمن:
أولاً: في جهلهم ونقص تأصيلهم الشرعي
وثانياً: في قصر نظرهم واستغفالهم
وثالثاً: في حظوظ نفوسهم
وصدق الله تعالى ?هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ?.
يا ناس! يا قوم!
تكمن خطورة العبث في الفتاوى من تصادم جيلين:
- جيلٌ ينشأ على هذه الفتاوى الشاذة، والانحرافات في الأحكام المستجدة.
- وجيلٌ كان من يفتيه علماء ربانيون منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
سيقول الابن: يا أبي أنت شيخك فلان الذي مات، وأنا عندي الشيخ فلان الذي أراه على الشاشة، ويظهر في الساحة ويكتب في الصحافة، فجيلكم له علماء وجيلنا له علماء، وبالتالي لا تنكروا علينا أننا لا نتبع علماءكم!
لا إله إلا الله! أين الغيرة على دين الله؟
لمَّا دخل الإمام مالك: على شيخه ربيعة: وجده يبكي، قال: ما يبكيك؟ أمصيبة نزلت بك؟ قال: لا، ولكن استُفتي من لا علم له، ووقع في الإسلام أمرٌ عظيم.
إن هذه الفتاوى الجاهلة الجريئة من أناس لم ترسخ أقدامهم في علوم الشريعة، هي التي تورد الأمة الموارد، وتوقعها في المهالك.
ولقد قال بعض الفقهاء في العصور الماضية حين رأى فتاوى بعض المنتسبين للعلم:"لبعض من يفتي هاهنا أحق بالسجن من السرّاق! " وذلك لأن السراق يفسدون دنيا الناس، وهؤلاء يفسدون عليهم دينهم. فكيف لو رأى أولئك الفقهاء عجائب فتاوى زماننا؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
¥