وَعُمَرَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَتُسْأَلُنَّ عن هذا النَّعِيمِ يوم الْقِيَامَةِ؛ أَخْرَجَكُمْ من بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ، ثُمَّ لم تَرْجِعُوا حتى أَصَابَكُمْ هذا النَّعِيمُ)).
الجوع هو الذي أخرج -بأبي هو أمي- رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر و عمر رضي الله عنه الأول هو رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي خيره الله تعالى بين العبودية و الملك فاختار ان يكون عبدا رسولا و الثاني هو أبوبكر رضي الله عنه و كان تاجرا و كذلك عمر رضي الله عنه كان عنده مال و قد تصدق بنصفه ... فأمر الجوع كان عاما
و لعلك تعلم حديث عائشة رضي الله عنها عندما قالت: مات رسول الله صلى الله عليه وإنا نمكث الهلال تلو الهلال تلو الهلال ثلاثة أهله و ما يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم النار وكان طعامهم الأسودان التمر و الماء ... و كان الصحابة يشدون على بطونهم الحجر لإسكات الجوع ... و لاتنسى أيضا حديث الخندق فقد كان القوم كلهم جياعا والله المستعان
هذا أولا ..
و اما قول أبي هريرة رضي الله عنه عندما تكلم على من شغلهم الصفق بالأسواق فهذا كان منه رضي الله عنه ردا على من أنكر حديثه فقال لهم: أنتم انشغلتم بالتجارة و أنا لأني فقير لا مال لي و لا تجارة فقد جالست النبي صلى الله عليه و سلم و سمعت و وعيت حديثه ولم يفتني منه شيء ... فهو لم يذم التجار و التجارة لكنه كان في معرض دفاعه عن نفسه رضي الله عنه.
وإليك هذه الرواية التي تدل على أن أبا هريرة استأجر نفسه عند النبي صلى الله عليه و سلم على شبع بطنه و كانت وظيفته التي جند لها نفسه هو خدمة النبي وحفظ حديثه صلى الله عليه و سلم وقد كان أيضا خازنا للنبي صلى الله عليه و سلم يحفظ اموال الصدقة و يقوم بتوزيعها على المحتاجين بأمر النبي صلى الله عليه و سلم و كان رحيما بالناس و لعلك تذكر حديث الرجل الذي كان يأتيه بالليل و يسرق من أموال الصدقة و كان يتحجج بالفقر و الجوع و العيال وكان يعطيه و إذا أصبح قال له النبي صلى الله عليه و سلم ماذا فعلت مع الرجل بالأمس و بالأخير قال له النبي صلى الله عليه و سلم: صدقك و هو كذوب ذاك شيطان ..
فالرجل لم ينم في صفته و يترك العمل و انه كان يطعن على التجار و أن نفسه متعلقه بأموال الناس و صدقاتهم و العياذ بالله كما افتريت عليه ...
بل كان عاملا و أعظم عمل له كان رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
ومن أعماله أيضا أن اشتغل أجيرا عند ابنة غزوان على شبعة بطنه فكان يحدوا لهم إذا ركبوا و يحتطب لهم إذا نزلوا .. فهو عمل في وظائف لكنها ليست ذات مدخول جيد ..
و الآن إلى الرواية التي هي شاهد كلامنا:
قال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: " إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة! و لو لا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا , ثم يتلو: [إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولائك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون (109) إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولائك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم] , و إن إخواننا من المهاجرين شغلهم الصفق في الأسواق , و إن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم , و إن أبا هريرة كان يلزم رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ بشبع بطنه , و يحضر ما لا يحضرون , و يحفظ ما لا يحفظون". رواه البخاري و مسلم
فتلاحظ هنا بارك الله فيك أن هذا الصحابي الجليل يرد عن نفسه ما يقوله بعض الناس ولم يتكلم في أحد بذم بل قال في العبارتين ((إخواننا من المهاجرين و إخواننا من الأنصار))
فهذا الرجل وفقه الله لطلب العلم وكان راتبه سد رمقه و جوعه رضي الله عنه و أرضاه
فهل بعد هذا يا محب يقول أحد أنه يذم التجارة و أنه قلبه تعلق بما عند الناس؟ ولماذا لم يعف نفسه عن الناس!!
هذا سؤال خاطئ منك و أسأل الله تعالى لي و لك الهداية و التوفيق و السداد
جزاك الله خيرا على التوضيح الجميل ...
وأنا لا أطعن في أحد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سؤالي سؤال مستفهم مستشكل كما يستشكل على كثير من الناس فهم بعض المواقف والأقوال عن السادة الأصحاب رضوان الله عليهم أجمعين ...
وإن كنت أخطأت في صيغة السؤال فأستغفر الله مرة أخرى خطئي وعمدي ...
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[02 - 08 - 10, 04:25 م]ـ
بارك الله فيك أخي أحمد