تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دعوة للعمل بما اتفق عليه جميع العلماء بلا استثناء وترك ما سوى ذلك]

ـ[فرحان بن سميح العنزي]ــــــــ[01 - 08 - 10, 02:20 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن من عجائب هذا الزمان أن يرفع شعار (في المسألة خلاف) في وجه كل ناصح بغية الوصول إلى تقويض بنيان الشريعة وجعل الدين حمى مباحا لكل أحد، أو بغية التحلل من كثير من الواجبات الشرعية التي يراها البعض ثقلا على كاهله.

وقد عزف كثير من الناس- هدانا الله وإياهم- بقصد أو بغير قصد عن عبادة الله والتذلل له سبحانه والتشرف بعبادته إلى محاولة التملص من كل واجب شرعي رافعين شعار (في المسألة خلاف).

ووجود الخلاف في كثير من مسائل الشريعة الفرعية ليس سرا من الإسرار يوجب أن يطير به البعض فرحا حينما يسمع به ولسان حاله يقول:

وإني وإن كنت الأخير زمانه ...... لآت بما لم تستطعه الأوائل

وإني لاشفق على حال البعض حينما يحاول أن يعبر للناس عن غبطته واكتشافه (العظيم) لمسألة من مسائل الخلاف لم يسمع بها منذ ولدته أمه. وربما أنحى باللائمة على بعض العلماء الذي يخفون بعض الشريعة على الناس كما يقول ويزعم.

ولم يدر هذا أنه بتصرفه هذا يكشف عن ما يتحلى به من فقر علمي وعوز في الثقافة.

لم يعلم هذا أن الخلاف بين علماء المسلمين في المسائل الفرعية موجود منذ عهد النبوة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.

لم يعلم هذا أن لله عز وجل حكما عظيمة في تقدير هذا النوع من الخلاف بين علماء المسلمين.

لم يعلم هذا أن من أعظم الحكم وراء ذلك تبين من يريد الحق ويسعى إليه ويسلك في معرفته الطرق الصحيحة ممن يتقلد هواه ويتبع نفسه بلا دليل وبرهان.

لم يعلم هذا أن الخلاف بين علماء الشريعة أمره سهل لا يذكر عند من سلم من الهوى وعرف مقاصد الشريعة وعلم أن خلاف العلماء صادر عن اتفاقهم على أنه لا يجوز أن يؤخذ بقول أحد من الناس في مقابل الكتاب والسنة ولكن الجهلة ومن في قلبه مرض يظنون أن خلاف العلماء صادر عن منافسة كما هو حال أهل الدنيا.

ومن الأمثلة على ذلك: مسألة الوضوء من لحم الأبل: تجد العالم الذي يرى أن لحم الإبل من نواقض الوضوء يصلى خلف العالم الذي لا يرى ذلك وهو يعتقد في نفس الأمر أن طهارة هذا الإمام غير صحيحة ولكنه يرى في نفس الوقت أنه مصيب حين لزم ما وصل إليه علمه واجتهاده.

إذن هذان العالمان وإن اختلفا في الظاهر إلا أنهما متفقان في الباطن وهذا هو المهم.

ومع كثرة مسائل الخلاف التي اختلف فيها علماء المسلمين إلا أنهم (أعني علماء المسلمين) اتفقوا على أصول عظيمة كفيلة بأن تجعل هذا الخلاف في حكم المعدوم لمن عمل بها.

فاتفقوا على تعظيم الله عز وجل والوجل منه وتقديره سبحانه وتعالى حق قدره. فمن استغل الخلاف الشرعي بين العلماء للوصول إلى شيء في نفسه فهذا لم يعظم الله حق التعظيم ولم يوجل منه-سبحانه- حق الوجل، وهو مخطئ باتفاق علماء المسلمين.

واتفقوا على عظم ذنب من تجرأ على الله وقال عليه في شرعه بغير علم حتى ولو أصاب الحق مصادفة في القول الذي تجرأ فيه على الله، ومن فعل هذا فقد ارتكب جرما عظيما باتفاق علماء المسلمين.

واتفقوا على أن الخلاف ومدارسته ونشره وطيه يجب أن يكون محصورا بين العلماء لا يجوز لأحد أن (يحشر نفسه) معهم، ومن فعل ذلك وحاول أن يكون حكما بين العلماء المختلفين فهو مخطئ باتفاق العلماء.

واتفقوا على أن من حاول خداع الله وخداع المؤمنين باستغلال الخلاف بين العلماء فإن خداعه راجع عليه ولن يضر الله والمؤمنين شيئا " يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ".

واتفقوا على أن للمفتي شروطا لا يجوز لأحد أن يتكلم في الفتوى قبل أن يستكملها فالصحفي والطبيب والمهندس ونحوهم إذا دخلوا في موضوعات الشريعة والعلم فهم مخطئون باتفاق العلماء.

وعلى هذا- يا كرام- نقول: العمل بمواضع الاتفاق كفيل بإنهاء الخلاف وإظهار صاحب الحق من صاحب الباطل. ولنتذكر دائما قول الله سبحانه وتعالى: "وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا".

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وثبت قلوبنا على دينك يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام

ـ[أبو سلمان الشعراوي]ــــــــ[02 - 08 - 10, 05:15 ص]ـ

الأخ الكريم: فرحان

لا بد من العلم بأن الاختلاف سنة كونية

ولا يمكن أن يتفق الناس على الفروع

ولذلك الواجب السعي إلى الإتفاق على الأصول

ولا ضير أبداً في اختلاف الفروع

وتقبل تحياتي

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير