[مواسم الطاعات .... إنابة و عبادة]
ـ[أبوعبدالله عمر صبحي]ــــــــ[02 - 08 - 10, 02:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[مواسم الطاعات .... إنابة و عبادة]
الحمد لله الذي امتن علينا بمواسم الطاعات وجعلها مواسم أُنْسٍ ومسرات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أسبغ على عباده صنوف الخيرات وتولى المؤمنين فأخرجهم إلى النور من الظلمات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى ربه والهادي بإذنه إلى الجنات، فصلوات الله وسلامه عليه تترى ما تعاقب الليل والنهار وما تنزلت البركات والرحمات.
إخواني الكرام هذه كلمات أكتبها وأبعث بها إلى المسلمين والمسلمات في كل مكان، فهم من امتن الله عليهم بخير الشرائع وبعث إليهم سيد الأنبياء والمرسلين، وبارك وسهَّل لهم في أعمالهم، ثم حفظ عليهم دينهم كله حتى يلقونه.
فأسأل الله بمنِّه وكرمه أن يجعلني خير واعظ لنفسي، وأن يعينني على تبادل النصح مع إخواني.
إخواني الكرام: هذا موسم رمضان موسم من مواسم الطاعات وشهر من أشهر الرحمات قد اقتربت نفحاته وظهرت ملامحه وأصبحنا وأمسينا نعد أيامه وساعاته، ولو تدبرنا قليلا ومكثنا مطرقين برهة من الوقت نتأمل هذه المواسم المباركة وهي تدور علينا وتتكرر مع تعاقب الأيام والشهور؛ لوجدنا لها حكما جليلة وغايات عظيمة نبيلة، تشحذ الهمم وتقوِّي النفوس على اغتنامها والاستفادة منها قدر الوسع والإمكان؛ ومن تلكم الحكم والغايات:
مواسم الطاعات مواسم تعظيم وإجلال وتوحيد لله:
فالله خلق الخلق لعبادته وحده لا شريك له، ليفردوه ويوحدوه مخلصين له الدين، فلا ندَّ له ولا شريك ولا مثيل، قال سبحانه: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) - الذاريات 56 - ، وقال سبحانه: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُون)) - الأنبياء 25 -
وخلقهم سبحانه ليتعرفوا عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى فيحمدوه ويمدحوه ويثنوا عليه بأسماء جلاله وجماله ونعوت كماله، قال سبحانه: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)) - الطلاق 12 - ، والعبد في سيره إلى الله بين صلاةٍ وذكرٍ وتلاوةٍ لكتاب الله يدور على هذه الغايات التي هي السبب من وجوده وخلقه، وتقوى في قلبه تارة وتضعف تارة أخرى، يستلذ بها حينا ويجد ثمارها، ويغفل حينا آخر فيذهل ويجفو، فإذا جاءته مواسم الطاعات وحلت ببركاتها ونفحاتها وتهيأت نفسه لعبادة ذي المنِّ والإكرام مع غيره من أهل الإسلام؛ عاد ليتأمل صيامه وحكمه وتربصه بليلة القدر وسرَّه وحجه بيت الله الحرام وسببه، فعلم أنه يدور مع التعبد لله سبحانه مخلصا له الدين، لا يرقب جزاءً ولا ينتظر معروفا ولا يبغي مكافأةً إلا من الله وحده، فأخلص له في صيامه وأمسك عن طعامه وشرابه وشهوته في السر والعلن، زهدت نفسه في الخلائق وتعلَّق بالله وبكل سبب يدنيه منه، لأنه علم أن سعادة العبد أن يكون لله في عمله وقصده، وها هو يقوم الليل ويزداد حرصه في العشر الأواخر يرجو أن يكون من الفائزين بصوم نهاره وقيام ليله، ويرجو أن يمتن الله عليه بالليلة المباركة التي وعد الله عليها الثواب والمغفرة والرحمة والرضوان، لا ينتظر مدح المادحين ولا يرقب ثوابا من الخلق أجمعين، وفي الصحيحين: ((من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفرله ما تقدم من ذنبه))، أي إيمانا بوعد الله وثوابه، واحتسابا للأجر والثواب على الله وحده دون سائر الخلائق.
وحيث أهلت أشهر الحج تعلقت النفوس ببيت الله الحرام، وعظم شوقه وازداد حنينه كلما خطرت على ذهنه الكلمات الطيبات العِظام: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، فهي خلاصة التوحيد وعصارة دعوة الرسل الكرام.
¥