الجواب: ثبت في الصحيح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره، ولكنه يطيل القراءة والأركان حتى أنه قرأ مرة أكثر من خمسة أجزاء في ركعة واحدة مع الترتيل والتأني .. وثبت أنه كان يقوم عند انتصاف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم يستمر يصلي إلى قُرب طلوع الفجر، فيُصلي ثلاث عشرة ركعة في نحو خمس ساعات وذلك يستدعي الإطالة في القراءة والأركان .. وثبت أن عمر لما جمع الصحابة على صلاة التراويح كانوا يصلون عشرين ركعة، ويقرؤون في الركعة نحو ثلاثين آية من آي البقرة أي ما يقارب أربع صفحات أو خمسًا فيصلون بسورة البقرة في ثمان ركعات، فإن صلوا بها في ثنتي عشرة ركعة رأوا أنه قد خفف، هذه هي السُنة في صلاة التراويح، فإذا خفف القراءة زاد في عدد الركعات إلى إحدى وأربعين ركعة كما قاله بعض الأئمة، وإن أحب الاقتصار على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة زاد في القراءة والأركان، وليس لصلاة التراويح عدد محدود، وإنما المطلوب أن تُصلى في زمن تحصل فيه الطمأنينة والتأني، بما لا يقل عن ساعة أو نحوها، ومن رأى أن ذلك إطالة فقد خالف المنقول فلا يُلتفت إليه.
قاله وأملاه
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
(6234)
سؤال: كثيرًا من أئمة المساجد يُحدّدون قدرًا معينًا من القرآن لقراءة كل ليلة وكل ركعة، كجزء في الليلة مثلاً وصفحة من المصحف في الرّكعة، وهكذا .. فما توجيهكم ـ عفا الله عنكم ـ في ذلك؟
الجواب: لا بأس بتحديد قدر معين يقرأ به المصلي كل ليلة، يقسمه على ركعات التراويح، كما عليه العمل في صلاة أئمة الحرمين، ويكون ذلك بقدر ما يحتمله المصلون، ويناسب المقام، ولا بأس بالزيادة في بعض الليالي، كالعشر الأواخر التي تُخصّ بطول القيام، فيزاد في قدر القراءة فيها، وأما الركوعات التي في بعض المصاحف فلا يلزم التقيد بها، وإن كانت متناسبة، والأولى أن يكون الركوع عند آخر السورة، أو عند موضع منفصل عما قبله.
قاله وأملاه
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
(6228)
سؤال: ما مشروعية حضور النساء لصلاة التراويح؟ وما رأيكم ـ أحسن الله إليكم ـ في مجيء بعضهن مع السائق بدون محرم، ورُبما جئن متبرّجات أو متعطرات؟! وكذلك بعضهن يصطحبن أطفالهن الصغار، مما يسبب التشويش على المُصلين، بكثرة إزعاجهم بالصياح والعبث! فما توجيهكم؟
الجواب: قال في مجالس شهر رمضان: ويجوز للنساء حضور التراويح في المساجد، إذا أمنت الفتنة منهن وبهن، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله". متفق عليه. ولأن هذا من عمل السّلف الصّالح ـ رضي الله عنهم ـ، لكن يجب أن تأتي متسترة متحجّبة، غير متبرّجة ولا متطيّبة، ولا رافعة صوتًا، ولا مبدية زينة، لقوله تعالى: ?ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها? أي لكن ما ظهر منها، فلا يمكن إخفاؤه، وهي الجلباب والعباءة ونحوهما، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أمر النساء بالخروج إلى الصلاة يوم العيد قالت أم عطيّة: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتُلبسها أختها من جلبابها". متفق عليه.
والسُنة للنساء أن يتأخرن عن الرّجال، ويبعدن عنهم، ويبدأن بالصفّ المؤخَّر، عكس الرّجال، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "خير صفوف الرّجال أولها، وشرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرّها أولها". رواه مسلم، وينصرفن عن المسجد فور تسليم الإمام، ولا يتأخّرن إلا لعذر، لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إذا سلَّم حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مقامه يسيرًا قبل أن يقوم، قالت: نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال. رواه البخاري. اهـ.
ولا يجوز لهنَّ أن يصطحبن الأطفال الذين هم دون سنّ التّمييز، فإن الطّفل عادة لا يُمْلَكُ عن العبث، ورفع الصّوت، وكثرة الحركة، والمرور بين الصّفوف، ونحو ذلك، ومع كثرة الأطفال يحصل منهم إزعاج للمصلين، وإضرار بهم، وتشويش كثير بحيث لا يُقبل المصلي على صلاته، ولا يخشع فيها، لِمَا يسمع ويرى من هذه الآثار، فعلى الأولياء والمسئولين الانتباه لذلك، والأخذ على أيدي السّفهاء عن العبث واللعب، وعليهم احترام المساجد وأهلها، والله أعلم.
أما ركوب المرأة وحدها مع قائد السيارة فلا يجوز، لما فيه من الخلوة المحرمة، حيث جاء في الحديث عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: "لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة إلاّ ومعها ذو محرم". وقال ـ أيضًا ـ: "لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة إلاَّ كان ثالثهما الشيطان". فعلى المرأة المسلمة أن تخشى الله، ولا تركب وحدها مع السائق، أو صاحب الأُجرة، سواء إلى المسجد، أو غيره خوفًا من الفتنة، فلابُدَّ من أن يكون معها غيرها من محارم أو جمع من النساء، تزول بهنَّ الوحدة مع قُرب المكان. والله أعلم.
قاله وأملاه
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
¥