وما سأذكره هنا إن شاء الله من الأدعية الوادرة في القنوت على نوعين , الأول: ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم , والثاني: ما ورد عن الصحابة والتابعين.
النوع الأول: ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت إلا دعائين فقط:
الدعاء الأول
نص الدعاء
عن الحسن بن على رضى الله عنهما أنه قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن
فى الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت , وعافني فيمن عافيت , وتولني فيمن توليت , وبارك لي فيما أعطيت , وقني شر ما قضيت , إنك تقضى ولا يقضى عليك , وإنه لا يذل من واليت , تباركت ربنا وتعاليت).
وفي رواية لأبي داود والنسائي وابن ماجة: (كلمات أقولهن في قنوت الوتر).
ورواية ابن ماجة: (سبحانك ربنا تباركت وتعاليت).
وفي رواية للنسائي في آخر الدعاء: (وصلى الله على النبي محمد) , ويأتي أنها ضعيفة.
رواه أبو داود (1425, 1426) واللفظ له , والترمذي (468) , والنسائي (1745, 1746) , وابن ماجة (1178).
قال الترمذي بعد أن رواه: "ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئاً أحسن من هذا".
الكلام على إسناده
هذا الحديث مشهور من طريق: أبي إسحاق السبيعي , عن بريد بن أبي مريم , عن أبي الحوراء ربيعة بن شيبان السعدي , عن الحسن بن علي.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء السعدي , واسمه ربيعة بن شيبان".
وهذا الإسناد رجاله ثقات إن شاء الله , إلا أن أبي الحوراء لم يوثقه إلا النسائي , ولكن لا جرح فيه.
وقد رواه غير أبي إسحاق السبيعي عن بريد بن أبي مريم: الحسن بن عمارة , وخرج حديثه عبد الرزاق في مصنفه , وقد جاء بزيادات كثيرة حتى تضاعف حجم الأثر , إلا أنها في غير الدعاء , ولولا ما قيل في الحسن بن عمارة لنقلتها , وهذه الزيادات تفرد بها عن أبي إسحاق السبيعي الإمام.
وروي من طريق: يحيى بن عبد الله بن سالم , عن موسى بن عقبة , عن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي , عن الحسن بن علي.
قال ابن حجر في التهذيب عن عبد الله بن علي بن الحسين: "و أما روايته عن الحسن بن على فلم تثبت، و هى عند النسائى من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الله بن على عن الحسن بن على , فإن كان هو صاحب الترجمة فلم يدرك جده [أي جده لأمه] الحسن بن على، لأن والده على بن الحسين لما مات عمه الحسن رضى الله عنه كان دون البلوغ".
ولم أجد من وثقه.
ففي هذا الإسناد علتان: الانقطاع , وجهالة عبد الله بن علي.
وقد تفرد بزيادة: (وصلى الله على النبي محمد) , ولا تحتمل بهذا الإسناد.
الدعاء الثاني
نص الدعاء
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول فى آخر وتره: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وأعوذ بك منك , لا أحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك).
رواه أبو داود (1427) والنسائي (1747) والترمذي (3882) وابن ماجة (1179).
الكلام على إسناده
هذا الحديث روي من طريق: حماد بن سلمة , عن هشام بن عمرو الفزاري , عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام , عن علي بن أبي طالب.
وإسناده ثقات.
هل يقال في قنوت الوتر
ليس في ظاهره ما يدل على ذلك , ولكن رواه أبو داود في باب: "القنوت في الوتر" , والنسائي في باب: "الدعاء في الوتر" , والترمذي في باب: "دعاء الوتر" , وابن ماجة في باب: "ما جاء في القنوت في الوتر".
فلعل أصحاب السنن لم يتواطؤا على مثل هذا إلا عن مستند بين , إما روايات لم يذكروها , أو أن هذا كان من المشتهر بين العلماء في زمانهم ولكن لم يرد في شيء من الروايات نصاً , والله أعلم.
النوع الثاني: ما ورد عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم
وهي في ألفاظها متقاربة , وعند التأمل نجد أن كلها يدور حول دعائين:
¥