تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عبرة من إنجيل برنابا]

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[06 - 08 - 10, 02:07 ص]ـ

وبعد:

قال ابن كثير (البداية والنهاية):

"ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب مما فيه بسط لمختصر عندنا أو تسمية لمبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والاعتماد عليه وإنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صح نقله أو حسن وما كان فيه ضعف نبينه وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم العلي العظيم".

ثم قال:

"فأما الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله في صحيحه عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحدثوا عني ولا تكذبوا علي ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) فهو محمول على الإسرائيليات المسكوت عنها عندنا فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للاعتبار وهذا هو الذي نستعمل في كتابنا هذا فأما ما شهد له شرعنا بالصدق فلا حاجة بنا إليه استغناء بما عندنا وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته إلا على سبيل الإنكار والإبطال".

قلت: جاء في إنجيل برنابا: الفصل السادس والعشرون

... كان إبراهيم ابن سبع سنين لما ابتدأ أن يطلب الله، فقال يوما لأبيه: (يا أبتاه من صنع الإنسان؟) أجاب الوالد الغبي: (الإنسان، لأني أنا صنعتك وأبي صنعني)، فأجاب إبراهيم: يا أبي ليس الأمر كذلك، لأني سمعت شيخا ينتحب ويقول: ((يا إلهي لماذا لم تعطني أولادا)) أجاب أبوه: (حقا يا بني الله يساعد الإنسان ليصنع إنسانا ولكنه لا يضع يده فيه، فلا يلزم الإنسان إلا أن يتقدم ويضرع إلى إلهه ويقدم له حملانا وغنما يساعده إلهه) أجاب إبراهيم: (كم إلها هنالك يا أبي؟) أجاب الشيخ: (لا عدد لهم يا بني) فحينئذ أجاب إبراهيم: (ماذا أفعل يا أبي إذا خدمت إلها وأراد بي الآخر شرا لأني لا أخدمه؟ ومهما يكن من الأمر فإنه يحصل بينهما شقاق ويقع الخصام بين الآلهة ولكن إذا قتل الإله الذي يريد بي شر إلهي فماذا أفعل؟ من المؤكد أنه يقتلني أنا أيضا؟) فأجاب الشيخ ضاحكا: (لا تخف يا بني لأنه لا يخاصم إله إلها، كلا فإن في الهيكل الكبير ألوفا من الآلهة مع الإله الكبير بعل، وقد بلغت الآن سبعين سنة من العمر ومع ذلك فاني لم أر قط إلها ضرب إلها آخر ومن المؤكد إن الناس كلهم لا يعبدون إلها واحدا، بل يعبد واحد إلها وآخر آخر) أجاب إبراهيم: (فإذًا يوجد وفاق بينهم؟) أجاب أبوه: (نعم يوجد) فقال حينئذ إبراهيم: (يا أبي أي شيء تشبه الآلهة؟) وأجاب الشيخ: (يا غبي إني كل يوم أصنع إلها أبيعه لآخرين لأشتري خبزا وأنت لا تعلم كيف تكون الآلهة!) وكان في تلك الدقيقة يصنع تمثالا، فقال: (هذا من أخشب النخل وذاك من الزيتون وذلك التمثال الصغير من العاج، انظر ما أجمله ألا يظهر كأنه حي، حقا لا يعوزه إلا النفس) أجاب إبراهيم: (إذًا يا أبي ليس للآلهة نفس فكيف يهبون الأنفاس؟ ولما لم تكن لهم حياة فكيف يعطون إذا الحياة، فمن المؤكد يا أبي أن هؤلاء ليسوا هم الله؟) فحنق الشيخ لهذا الكلام قائلا: (لو كنت بالغا من العمر ما تتمكن معه من الإدراك لشججت رأسك بهذه الفأس، ولكن اصمت إذ ليس لك إدراك) أجاب إبراهيم: (يا أبي إن كانت الآلهة تساعد على صنع الإنسان فكيف يتأتى للإنسان أن يصنع آلهة؟ وإذا كانت الآلهة مصنوعة من خشب فان إحراق الخشب خطيئة كبرى، ولكن قل لي يا أبت كيف وأنت قد صنعت آلهة هذا عديدها لم تساعدك الآلهة لتصنع أولادا كثيرين فتصير أقوى رجل في العالم؟) فحنق الأب لما سمع ابنه يتكلم هكذا، فأكمل الابن قائلا: (يا أبت هل وجد العالم حينا من الدهر بدون بشر؟) أجاب الشيخ: (نعم ولماذا؟) قال إبراهيم: (لأني أحب أن أعرف من صنع الإله الأول) فقال الشيخ: (انصرف الآن من بيتي ودعني أصنع هذه الإله سريعا ولا تكلمني كلاما، فمتى كنت جائعا فإنك تشتهي خبزا لا كلاما) فقال إبراهيم: (إنه لإله عظيم فإنك تقطعه كما تريد وهو لا يدافع عن نفسه) فغضب الشيخ وقال: (إن العالم بأسره يقول إنه إله وأنت أيها الغلام الغبي تقول كلا؟ فوآلهتي لو كنت رجلا لقتلتك) ولما قال هذا ضرب إبراهيم ورفسه وطرده من البيت.

فضحك التلاميذ من حمق الشيخ ووقفوا منذهلين من فطنة إبراهيم، ولكن يسوع وبخهم قائلا: لقد نسيتم كلام النبي القائل: (الضحك العاجل نذير البكاء الآجل) وأيضا (لا تذهب إلى حيث الضحك بل اجلس حيث ينوحون، لأن هذه الحياة تنقضي في الشقاء) ثم قال يسوع: ألا تعلمون أن الله في زمن موسى مسخ ناسا كثيرين في مصر حيوانات مخوفة لأنهم ضحكوا واستهزؤا بالآخرين، احذروا من أن تضحكوا من أحد ما لأنكم بكاء تبكون بسببه، فأجاب التلاميذ: أننا ضحكنا من حماقة الشيخ، فأجاب حينئذ يسوع: الحق أقول لكم كل نظير يحب نظيره فيجد في ذلك مسرة، ولذلك لو لم تكونوا أغبياء لما ضحكتم من الغباوة، أجابوا: ليرحمنا الله، قال يسوع ليكن كذلك ... اهـ

فلينظر كل امرئ ما أهمه من كلام الناس وأحوالهم وحوادثهم وأوضاعهم؛ فمنهم الضاحك فيهم والباكي، ومنهم الشامت بهم والآسي، ومنهم الساخط عليهم والراضي، ومنهم المستهزئ المستهتر، ومنهم الأذن السمّاع، ومنهم البكاء الدماع، ومنهم لذوي الحاجة والفاقة موادع، ومنهم الفرح بالسامد المائع، ومنهم من يروعه العبّاد الزهّاد، ومنهم طالب العلماء الأفذاذ، ومنهم الرائح والغادي على السهر والمجون، ومنهم من التفاهة لا يقوم، ومنهم الناظر إلى الجهاد والرباط، ومنهم الطامع في الثلاث والرباع ... ومنهن الراغبات عن الدنيا صديقات، ومنهن راغبات فيها كاسيات عاريات، ومنهن المتشبهات بالصحابيات قانتات، ومنهن من أسلمت للفاسقات الماجنات ... ومنهم ومنهن .............

قال تعالى: ((فهديناه النجدين))، فلينظر العبد فيما يقيم عليه ثم ليختار من الدروب ما شاء والله الهادي لا رب سواه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير