فكلام الإمام في كتابه الأم في موضع منه 5/ 145 ..
((وقوله: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} دليل على أمرين: أحدهما أنه أحل النكاح وما ملكت اليمين، والثاني: يشبه أن يكون إنما أباح الفعل للتلذذ وغيره بالفرج في زوجة أو ما ملكت يمين من الآدميين، ومن الدلالة على ذلك قوله تعالى: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وإن لم يختلف الناس في تحريم ما ملكت اليمين من البهائم، فلذلك خفت أن يكون الاستمناء حراماً من قبل أنه ليس من الوجهين اللذين أبيحا للفرج، فإن ذهب ذاهب إلى أن يحله لقوله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله} فيشبه أن يكونوا إنما أمروا بالاستعفاف عن أن يتناول المرء بالفرج ما لم يبح له به فيصبر إلى أن يغنيه الله من فضله فيجد السبيل إلى ما أحل الله، والله أعلم)) انتهى كلامه رحمه الله ..
وقيل قبل تعقيبات كثيرة أنه حجة وقال أنه يحرم الاستمناء وهو صحيح عنه لكن مع ضمنا لهذا النص لما نقل عنه في نفس الكتاب علمنا هل فسره الإمام رحمه الله بما يقطع به أو بما ظنه في قوله في كتاب الأم 5/ 94 وهو قبل الذي نقلته هذا ..
قال رحمه الله ..
((باب الاستمناء قال الله عز وجل {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم} قرأ إلى {العادون} فكان بينا في ذكر حفظهم لفروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الأيمان وبين أن الأزواج وملك اليمين من الآدميات دون البهائم ثم أكدها فقال عز وجل: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} فلا يحل العمل بالذكر إلا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله تعالى أعلم وقال في قول الله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} معناها والله أعلم ليصبروا حتى يغنيهم الله تعالى وهو كقوله في مال اليتيم {ومن كان غنيا فليستعفف} ليكف عن أكله بسلف أو غيره)) ..
فأي ظهور للغة على أن الحفظ هو عدم استعمال الفرج بتعمد إنزال المني .. ؟!
وهذا ما أنكره الإمام وأنكرته ..
فليس تحريم الاستمناء من ظاهر لفظ الحفظ أصلاً ..
وقد خاف الإمام رحمه الله أن يكون هذا المعنى داخلاً ورجح تحريمه لأجل الخوف كما صرح بلسانه ..
ثم أخرج وجه من أباحه أيضاً ..
ولو كان متيقنا من ذلك لما قال (خفت أن يكون الاستمناء حراماً) ..
وما قال ذلك إلا لأن لفظ الحفظ وتفسير الآية لا يعطيه هذا الحكم يقيناً ..
ولو كان تحريم الاستنماء ظاهراً في النص لصدع به ولما احتاج لهذه العبارة المشعرة بالتردد والقول ورعاً ...
ولم أذكر قوله رحمه الله للاستدلال كما قد يظن بعض الأعضاء ..
وإنما ذكرته لأخبرك أن من استدل البعض بكلامه وأنه حجة في اللغة فواجب أن نقبل تفسيره لم يقطع أن الاستمناء داخل في معنى الحفظ وإنما الحفظ كان لفرج عن فرج وهذا الذي يظهر من النص كله والنصوص الأخرى ..
فإدخال الاستمناء فيه جاء بالرأي منكم ..
أما إخراجنا له فليس بظن لأنه لم يفصل تحريمه ..
فترجيحه للأحوط أو للورع ليس بلازم لأحد ..
وكيف يلزم ترجيحه لورعه في هذه المسألة ولا نرجح قول مخالفه في غير هذه المسألة ممن تقدمه في العلم والصحبة مثلاً لنفس السبب .. ؟!
فالشريعة التي ألزمنا الله تعالى بها إما يقين إيجاب وإما يقين تحريم ..
وما عدا ذلك فليس فيه الإثم وإن اختلفنا في الندب والكراهة في معنى الأجر فيهما ألمعنى التأسي أو لغيره ..
والندب والكراهة والإباحة لا تكون إثماً أصلاً باتفاقنا ..
وكذلك في اختلافنا بالظنون والرأي وإلا فقد لزمنا كل قول لكل صحابي أو تابعي أو فقيه منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا تقولونه ولا نقوله أيضاً ..
فكلنا على يقين تحريم إدخال فرج في فرج ليس هو فرج زوجة أو أمة ..
والبهيمة داخلة في الاتفاق من التحريم يقيناً لا شك فيه البتة ..
فنحن نمنع التحكم في تفسير لفظ وارد في نصوص الشريعة إلا بما نقطع فيه من اللغة أو النصوص الأخرى أو الإجماع فقط ..
ولا قطع في انطباق هذا المعنى في اللغة ولا في النصوص ولا حصل الإجماع عليه ..
فصح أن قولنا كان بناء على ظاهر النص ولم يكن ظناً أصلاً ..
وبالله تعالى التوفيق ..
¥